لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

"حوار ساخن " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن

حوار ساخن 
 بقلم: طلال حسن

   أفاق رافع ، في ساعة متأخرة من الليل ، على أمه وأبيه يتصايحان منفعلين ، في الردهة ، وعلى ضوء القمر ، المتسرب من نافذة الغرفة ، رأى أخته رباب ، تجلس في فراشها قلقة حزينة .
وقال رافع : رباب ، اسمعي .
فردت رباب بصوت يشوبه الحزن : إنني أسمع .
وتساءل رافع : ما الأمر هذه المرة ؟
فأجابت رباب  : من يدري ، لعل بابا جاء متأخراً و..
وأنصت رافع ، ثم قال : اسمعي ، ماما تصيح بباب ، أنت مخطىء ، فيصيح بها بابا ، أنتِ مخطئة .
ووضعت رباب رأسها بين ذراعيها ، وقالت بصوت يشوبه القلق : كم أخشى أن يؤدي هذا الصياح ، بين بابا وماما ، إلى انفصالهما .
وتساءل رافع : ماذا !
وواصلت رباب حديثها قائلة : أبو حسان ، جارنا ، تصايح مع زوجته أم حسان ، ثم انفصل أحدهما عن الآخر ،فذهب هو إلى أمه ، وذهبت زوجته إلى أمها .
وتساءل رافع : وحسان ؟
فردت رباب قائلة : ذهب إلى أمه هو الآخر .
وقال رافع : يبدو أن الجميع ، في هذه الحالة ، يذهبون إلى أمهاتهم .
وتطلع عبر النافذة إلى القمر البعيد ، وقال : رباب ، أنا وأنتِ لن نذهب إلى أمنا بل نهاجر .
وقالت رباب مذهولة : نهاجر !
وتمدد رافع في فراشه ، وقال بصوت يتسلل إليه النعاس : نعم نهاجر مثل اللقالق .. والبط .. والهررة .
واعترضت رباب قائلة : لكن الهررة لا تهاجر .
وأغمض رافع عينيه ، وقال بصوت يخفت شيئاً فشيئاً : إذا لم أهاجر سأعلن الإضراب ، لن أذهب إلى الروضة ، ولن آكل أي شيء، حتى لو كان قيمر وعسل ، وإذا مرضت .. لن أشرب .. الدوا .. ء .
ونظرت رباب إليه ، فوجدته يغط في النوم ، فتمددت هي الأخرى في فراشها ، وأغمضت عينيها ، وسرعان ما استغرقت في نوم عميق .
وفي صباح اليوم التالي ، استيقظا مبكرين، ونزلا معاً إلى الطابق الأول ، وهما عابسان متعكران ، وفوجئا بوالديهما يجلسان جنباً إلى جنب في المطبخ ، يتهامسان ويتضاحكان ، ووقف رافع في مواجهة والديه ، يتميز غيظاً ، فصمتا حائرين ، وتطلعا إلى رباب متسائلين : ما الأمر ! 
وجلست رباب قبالتهما ، وقالت : لقد سمعناكما ، ليلة البارحة ، تتصايحان .
وفغر الأب فاه ، ورمق زوجته بنظرة خاطفة ، وقال : نتصايح !
وغالبت الأم ابتسامتها ، قائلة : لا ، يا عزيزتي ، لم نكن نتصايح ، بل .. نتحاور .
وأيدها الأب قائلاً : نعم ، نتحاور ، ولعل حوارنا ، بدا لكما ، ساخناً بعض الشيء .
 وهنا لم يعد رافع يتمالك نفسه ، فصاح منفعلاً : أي حوار هذا ، لقد سمعتُ ماما تقول لك ، أنت مخطىء ، فترد عليها ، أنتِ مخطئة .
ورمقت الأم زوجها بنظرة خاطفة ، وغمزت له خلسة ، وقالت : أنت محق ، يا رافع ، فقد قال أبوك ، ستمطر السماء غداً ، فقلت له ، أنت مخطىء ، لن تمطر ، بل ستثلج .
وصمتت الأم فقال الأب : فقلت لها ، أنت مخطئة .
وابتسمت الأم لرافع ورباب ، وقالت : أرأيتما ، إنه مجرد حوار ، لا أكثر .
وتطلعت رباب ، عبر نافذة المطبخ ، وإذا الشمس تسطع  في سماء صافية زرقاء ، خالية من الغيوم ، فتنفست الصعداء ، وقالت : حمداً لله ، لم تمطر ، ولم تثلج ، بل .. أشرقت الشمس .
والتفتت إلى رافع ، وأضافت قائلة : لا داعي للإضراب ، أو الهجرة ، فلنبقَ مثل .. الهررة .

ليست هناك تعليقات: