لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

"تخريفات عجائز ! " قصة للفتيان بقلم : طلال حسن



تخريفات عجائز !
قصة للفتيان
بقلم : طلال حسن

    على عادته ، خرج الحطاب الفتيّ إلى الغابة ليحتطب ، لكن وعلى غير عادته ، قال لأمه العجوز : قد أتأخر اليوم ، يا أمي .
ولحقت به أمه حتى الباب متسائلة : لماذا !
فرد قائلاً : سأتوغل اليوم في الغابة .
وشهقت أمه قائلة : حذار ، يا بنيّ ، فأعماق الغابة مسكونة .
وضحك الحطاب الفتي ، دون أن يلتفت إلى أمه ، وهو يقول : هذه تخريفات عجائز .
وتوغل الحطاب الفتي في الغابة ، توغل كثيراً ، وكلما تذكر تحذير أمه العجوز ، ابتسم ، وقال في نفسه : " تخريفات عجاز " .
وتعثر الحطاب الفتيّ ، وتهاوى حتى ارتطم رأسه بالأرض ، وسقط فأسه بعيداً عنه ، ونهض مبتسماً ، وهو يقول في نفسه : لو رأتني أمي العجوز ، لقالت لي ، ألم أحذرك ؟ و ..
وفجأة رأى دبة فتية ، تسير أمامه ، وبين ذراعيها دب رضيع ، وهزّ رأسه ، من أين جاءت هذه الدبة الفتية ، وصغيرها الرضيع ؟
وسمع الدبة الفتية ، تخاطب صغيرها الرضيع : ها قد وصلنا كوخ جدك وجدتك .
وعلى الفور ، ظهر كوخ صغير بين الأشجار ، وبدل الدبة الفتية وصغيرها الرضيع ، رأى الحطاب الفتيّ ، امرأة فتية تحمل طفلاً رضيعاً بين يديها ، وتمضي إلى داخل الكوخ .
وجنّ جنون الحطاب الفتي ، إن الغابة مسكونة فعلاً ، واندفع إلى داخل الكوخ ، وإذا رجل عجوز وامرأة عجوز ، يرحبان بالمرأة الفتية ، فقال الرجل العجوز متهللاً : يا أهلاً ، ويا مرحباً ، بابنتنا العزيزة .
وأخذت المرأة العجوز الطفل الرضيع بين ذراعيها ، وهي تقول فرحة : آه .. ما أجمله .. ما أجمله .. إنه صورة من أبنتنا العزيزة .. أمه .
واندفع الحطاب الفتيّ إلى العجوزين ، وقال : انتبها ، أيها الجدان ، انتبها ، هذه ليست ابنتكما ، إنها دبة ، رأيتها بعيني هاتين ..
وقاطعه الرجل العجوز قائلاً : ماذا تقول ! أنت رجل غريب ، لا تعرفنا ولا نعرفك .
وقالت المرأة العجوز : هذه ابنتنا ، تزوجت قبل أكثر من سنة في القرية ، وهذه زيارتها الأولى لنا .
ورفع الحطاب الفتيّ فأسه ، وانقض على الفتاة الشابة ، وضربها على رأسها ، وهو يقول : بل هي شبح ، لا يؤثر فيها حتى الفأس ، انظرا ..
وصدم الحطاب الفتي ، حين رأى الدم ينبثق كالنبع من رأس الفتاة الفتية ، وسمعها تصرخ متوجعة ، وتتهاوى على الأرض .
وجنّ جنون الزوجين العجوزين ، فلطمته العجوز على صدره ، وطارده العجوز بهراوة ضخمة ، فاندفع هارباً من الكوخ ، وصيحات العجوزين تطارده .
وتعثر الحطاب الفتيّ ، وتهاوى حتى ارتطم رأسه بالأرض ، ونهض على الفور ، خشية أن يدركه الرجل العجوز ، بهراوته الضخمة القاتلة .
وتوقف مذهولاً ، وتلفت حوله مراراً ، عجباً ، لا أثر للعجوزين ، ولا للمرأة الفتية وصغيرها الرضيع ، أو للدبة الفتية وصغيرها الرضيع ، بل لا أثر للكوخ الصغير نفسه .
واستدار الحطاب الفتيّ ، آه هذه ليست تخريفات عجائز إذن ، وعلى الفور انطلق عائداً من حيث أتى ، ولو حدث ابنه ، في شيخوخته عما رأى ، ربما قال : " هذه تخريفات عجائز " .
 


                                                  2016                       
 
                                 




ليست هناك تعليقات: