لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأربعاء، 3 أغسطس 2016

تشجيع الأطفال على القراءة بقلم : يعقوب الشارونى



تشجيع الأطفال على القراءة
بقلم : يعقوب الشارونى

* قال أحد الشعراء الإنجليز : " قد تكون عندك ثروة ضخمة لا تساويها ثروة أخرى ، تملأ عددًا لا نهائيًّا من علب المجوهرات وخزائن الذهب ، لكن لا يمكن أن تكون أبدًا أغنى منى ، فقد كانت لى أم اعتادت أن تقرأ لى " .
          فكل طفل يمكن أن يصبح قارئًا لا يشبع إذا استمتع فى سن مبكرة بالإصغاء إلى من يقرأ له ..
          فالقراءة بصوت مرتفع لصغار الأطفال توقظ خيالهم ، وتعمل على نمو مهاراتهم اللغوية ، بل تتضمن أكثر من ذلك ، فهى تهيئ الأطفال لأن يقضوا مع المربين أوقاتًا سعيدة يسودها الحب والمشاركة .
          وعندما تقرأ الأم لابنها الذى لم يتجاوز الثالثة من عمره قصة مناسبة لسنه ، وهو يتابع بعينيه الرسوم والكلمات المطبوعة ، فمن الطبيعى أن تسمعه أمه يقول بعد الانتهاء من الحكاية :  " أماه .. اقرئيها لى مرة ثانية " ، فهذه هى الجائزة الثمينة التى تحصل عليها الأم فى مقابل تلك اللحظات التى تقضيها وهى تقرأ لابنها .

* نقرأ للأطفال منذ اليوم الأول
          ولكى تحصل الأم على هذه الجائزة ، فإن عليها أن تبدأ بالقراءة لطفلها منذ اليوم الأول لولادته ، تقرأ له الحكايات البسيطة المكتوبة فى عبارات لها إيقاع ، أو تغنى له أغانى المهد ، على أن يتم هذا فى جو تسوده الحميمية والحب . وعندما يستطيع الطفل أن يلقى أسئلة ، علينا أن نرحب بأسئلته وأن نجيب عنها ، ولا شىء أكثر من هذا .
* عند الالتحاق بالروضة
والطفل الذى جعلناه يشترك معنا فى الاستمتاع بالكتب قبل سن الرابعة ، فإنه عندما يذهب إلى روضة الأطفال ، يكون قد شاهد عشرات الكتب ومئات الرسوم              وآلاف الكلمات ، وعندئذ لن يجد صعوبات فى تعامله مع مشرفة الروضة أو مع الكتب والقراءة .
          لقد أصبح لديه محصول لغوى يساعده على فهم ما يسمعه من مشرف أو مشرفة الحضانة                 أو الروضة ، وبذلك يكون أكثر قدرة على الإصغاء والتركيز مع ما يسمع وما هو مطلوب منه ، وبتعبير آخر سيكون طفلاً جاهزًا ليقرأ ، وراغبًا فى القراءة .
          إن الأم التى تقرأ لابنها الصغير ، هى أم تستثمر وقتها وإرادتها لمصلحة مستقبل ابنها ، وهو استثمار لا يحتاج منها إلى أكثر من ربع ساعة كل يوم ، وكل أموال الدنيا            لن تقدم أرباحًا أو نتائج تساوى ما تقدمه هذه الدقائق القليلة التى نقضيها ونحن نقرأ لأطفالنا كل يوم .
* تنمية عادة القراءة
لقد أثبتت دراسات كثيرة أن القراءة لصغار الأطفال بصوت مرتفع ، هى أهم عامل فى تنمية عادة القراءة لديهم .
          فنحن لسنا فى حاجة أن نعلِّم الأطفال " كيف يقرءون " ، ولكن فى حاجة إلى أن نوقظ فيهم                 " الرغبة فى القراءة " .
          علينا أن نعلم الأطفال كيف يحبون الكتب ، وكيف يرغبون فى قراءتها ، والاستمتاع بما فيها من رسوم وحكايات .
          إننا نحقق بالقراءة للأطفال نفس الأهداف التى نحققها من خلال حوارنا معهم : أن نشعرهم بالأمان ، ونسليهم ، وننمى فيهم الدافع للتعرف على ما فى الكتب ، وأن نقدم لهم المعلومات ، ونشرح لهم الأشياء ، ونثير حب استطلاعهم ، أو نجيب عن  أسئلتهم ، ونوحى لهم بالأفكار .
          إننا عندما نقرأ بصوت مرتفع لأطفالنا ، نجعل عقل الطفل يربط بين القراءة والمتعة ، ونقدم للطفل خلفية واسعة من المعارف ، ونبنى الثروة اللغوية ، كما نزود الأطفال بأساليب تعاونهم على تنمية عادة القراءة لديهم .
          والبشر يقومون من تلقاء أنفسهم بتكرار ما يُشعِرهم بالسعادة ، فنحن نتناول الطعام الذى نحبه ، ونستمع إلى الأغانى التى نحبها ، ونزور الأصدقاء والأقارب الذين نحبهم ،                وفى نفس الوقت نتجنب الطعام والأغانى والأقارب الذين لا نحبهم . وعندما ترسل           حواسنا رسالة مضمونها السعادة أو عدم السعادة إلى المخ ، فإننا نتصرف طبقًا لهذه الرسائل بالإيجاب              أو بالسلب .
          وفى كل مرة نقرأ للطفل ، فنحن نرسل رسالة ممتعة إلى ذهن الطفل تربطه بالكتاب .
          وإذا وجدنا طفلاً يتلقى عقله رسائل غير ممتعة مرتبطة بالقراءة عند التحاقه بالمدرسة ، فذلك لأنه لم يتلقَّ رسائل ممتعة فى طفولته مرتبطة بالقراءة .
* الطفل غير القارئ
مشكلة الطفل الذى لا يحب القراءة والكتب ، أن عقله قد سبق وتلقى رسائل غير سارة مرتبطة بالقراءة والكتب ، وذلك عندما نطلب منه عند التحاقه بالمدرسة الابتدائية أن يشرح كلمات وجملاً لم يسبق له سماعها أو فهمها ، أو عندما نكلفه بواجبات تعتمد على فهم صفحة أو صفحات من كتاب ، بينما لم يسبق أن اكتسب المهارات التى تعينه على القراءة أو فهم واستيعاب ما يقرأ .
          إن الطفل عندما يصطدم بمثل هذه العقبات عند قراءته للكتاب ، ستتراكم لديه خبرات غير سارة ، تبعده طوال حياته عن القراءة والكتب .
* أهمية الاستمرار فى القراءة
وفى عامى 1990 ، 1991 تمت دراسة حول القراءة شملت 32 دولة ، اشترك فيها
( 210 ) ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و 14 سنة . وفى سن 9 سنوات اتضح أن أفضل أطفال يوجدون فى أربع دول هى فنلندا والولايات المتحدة والسويد وفرنسا .
          لكن عندما تم قياس مدى الرغبة فى القراءة عند سن 13 سنة ، تقهقرت الولايات المتحدة إلى المستوى الثامن بدلاً من المستوى الأول ، لأن القراءة مهارة تزداد بالممارسة ، بينما الأطفال فى الولايات المتحدة تقل ممارستهم للقراءة كلما تقدم بهم العمر ، وذلك بالمقارنة بأطفال الدول الذين تزداد قراءاتهم كلما تقدموا فى العمر .
          والنتيجة التى نستخلصها من هذه الدراسة ، أن التقدم فى مهارات القراءة يرتبط بالاستمرار فى القراءة ، وبالمزيد من القراءة كلما تقدم الطفل فى العمر .
          ولما كان صغار الأطفال لا يستطيعون القراءة ، فإنهم يعتمدون فى عملية القراءة والاستمرار فيها على الاستماع إلى ما يقرؤه لهم الكبار .
          بل إن كثيرًا من الدراسات التربوية تؤكد على أنه من الضرورى أن يستمر الوالدان فى القراءة لأبنائهم حتى سن الرابعة عشرة . فمتعة الاستماع إلى الكتاب المقروء تلازم الإنسان معظم حياته ، وهناك الآن كتب مسجلة يستمع إليها الكثيرون أثناء قيادتهم سياراتهم .
* القراءة للأطفال قدوة
إن إحدى القدرات الأساسية التى يتمتع بها صغار الأطفال هى القدرة على التقليد ، وكلما قرأنا لأطفالنا قدمنا لهم القدوة من خلال ما يسمعون ويشاهدون . وهذه القدرة على التقليد ، خاصة على تقليد ما يسمع ، هى التى تعطى لطفل عمره خمسة عشر شهرًا إمكانية أن ينطق         أول كلماته .
          وفى عمر سنتين فإن الطفل المتوسط يشمل محصوله اللغوى المفهوم حوالى (300 ) كلمة ، يتضاعف عددها ثلاث مرات فى السنة الثالثة .
          وفى سن الرابعة يكون فى استطاعة الطفل أن يفهم ثلثى أو ثلاثة أرباع معانى الكلمات التى سيستخدمها فى حياته اليومية .
          وما إن يتعلم الكلام ( عادة فى بداية السنة الثالثة من عمره ) حتى يكون فى استطاعته أن يتعلم فى المتوسط عشر كلمات جديدة كل يوم .
          ومصدر هذه الكلمات التى يفهم الطفل معناها أو ينطقها ، لن يأتى إلا من ثراء اللغة التى يسمعها من المحيطين به .
* الطفل وإعلانات التليفزيون
وبعض الآباء والأمهات يظنون أن صغار الأطفال مبرمجون ليستخدموا اللغة بطريقة أوتوماتيكية عند عمر معين ، ثم تنتابهم الدهشة عندما يكتشفون الكم الكبير من الكلمات التى تعلمها طفلهم من مشاهدة وسماع إعلانات التليفزيون .

لهذا علينا أن نتعلم من الطريقة التى يتعلم بها الأطفال من إعلانات التليفزيون :
( 1 ) فعلينا أن نقرأ لأطفالنا فى سن مبكرة جدًّا ، وهى السن التى تسيطر عليهم فيها الرغبة فى تقليد كل ما يشاهدون أو يسمعون .
( 2 ) يجب أن نتأكد أن ما نقرؤه لهم يمتعهم ويجذب انتباههم بدرجة كافية ، فى نفس الوقت الذى يثير فيه خيالهم .
( 3 ) ابدأ بالقراءة لأوقات قصيرة تناسب قدرتهم البسيطة على التركيز والمتابعة ، وبالتدريج يمكن أن نطيل لحظات القراءة .
* لا يكفى استماع الطفل إلى أحاديث الكبار
وقد يقول البعض إن المحصول اللغوى للأطفال ينمو من خلال استماعهم إلى أحاديث الكبار المحيطين بالطفل ، لكن مجموع الكلمات التى يسمعها الطفل خلال حوار الكبار المحيطين به ، يختلف اختلافًا كبيرًا من بيت إلى بيت ومن أسرة إلى    أسرة .
          ولكى يحصل الطفل على محصول لغوى يساعده على متابعة المعلمة أو المدرس عندما يلتحق بالمدرسة ، لابد أن نقرأ له ، حتى يستمع إلى عدد كبير من المفردات التى لا يتم تداولها عادة فى أحاديث الكبار التى يستمع إليها داخل البيت أو من المحيطين به .
* الكتب القصصية وليست كتب المعلومات
وقد تكون القصص هى التى تناسب أكثر من كتب المعلومات ، لنبدأ بها مع صغار الأطفال ، لأنها الأكثر تشويقًا ، كما أنها تواجه الحاجات الأساسية للطفل ، مثل الإجابة عن الأسئلة الأولية التى يلقيها الطفل حتى إذا لم يكن قادرًا على التعبير عنها بالكلمات ، مثل : من أنا ؟ لماذا أنا هنا ؟ من هم هؤلاء المحيطون بى ؟ ما علاقتى بهم ؟ ما الفرق بينهم وبين من لا أراهم إلا نادرًا ؟ ولن يجد الطفل إجابات إلا بالخبرة الحية ، أو بالحكايات التى نقرؤها له حول الخبرات الحية ، وهذه لن نجدها إلا فى القصص التى يستمع إليها عندما نقرأ له .
          إننا نقرأ القصص لأننا نحبها ونستمتع بها ، ولأن بها صراعًا ، والصراع هو جوهر الحياة ، وهذا الصراع ينتشلنا من روتين الحياة اليومية .. كما تساعدنا القصص على أن ننفس عن مشاعرنا بالدموع والضحكات والحب والرفض .. كما أننا نأمل أن نجد فى القصص بعض الحلول                        لما يواجهنا فى حياتنا من مواقف .. كما أنها تخلصنا من ضغوط الحياة عندما تسمح لنا أن نعيش حياة الناس الآخرين .
* لا اعتذار بضيق الوقت
وقد يقول أحد الآباء أو الأمهات إن وقتنا ضيق بسبب مشاغل عملنا ، فكيف نجد الوقت لنقرأ لأطفالنا ؟ ونقول إن اليوم به 24 ساعة ، وهذا عدد كافٍ من الساعات ، والمسألة تحتاج إلى تحديد الأولويات التى نشغل بها أوقاتنا .
**  وعندما  نقرأ لأطفالنا ، علينا أن نتذكر :
* أن نبدأ بالقراءة للأطفال فى وقت مبكر جدًّا من حياتهم كلما أمكن ذلك ، وكلما بدأنا فى سن مبكرة كان النجاح أسهل وأفضل .
          * ابدأ للرضيع بأغانى المهد ، وذلك لتنشيط مهارات الاستماع والإصغاء ، ولكى يتعرف الطفل على مفهوم اللغة .
          * ومع الأغانى قدم للرضيع كتبًا تغلب عليها الرسوم الكبيرة ذات الألوان    المتباينة ، والتى تتكرر فيها كلمات وجمل قليلة ، مكتوبة بحروف كبيرة .
          * عندما تعيد قراءة أحد هذه الكتب الذى يحتوى على نصوص بسيطة وسهلة ، فإن عليك بين وقت وآخر أن تتوقف عند كلمة أو جملة ، لتسمح للطفل المستمع أن يتنبه بشكل واضح لتلك الكلمة أو الجملة ، ليستوعبها فى ذاكرته .
          * كلما وجدت لديك وقتًا للقراءة ، اقرأ مع طفلك .
          * فن الاستماع لا نجيده إلا بالاكتساب عن طريق الممارسة ، فيجب أن ننميه عند الطفل بالتدريج ، فلا تتوقع أن يكتسبه الطفل فجأة أو دفعة واحدة .
          * حاول تنويع موضوعات المادة المقروءة .
          * قبل أن تبدأ فى قراءة كتاب جديد ، حاول أن تثير مناقشة حول رسم الغلاف ، اسأل مثلاً : " ما هى القصة التى يمكن أن يعبر عنها هذا الرسم ؟ "
          * لكى تحتفظ بيقظة ونشاط الطفل المستمع ، اسأله بين وقت وآخر وأنت تقرأ   له : " ماذا تتوقع أن يحدث بعد هذا ؟ "
          * إذا بدأت كتابًا فيجب أن تستمر فى قراءته حتى تنتهى منه ، إلا إذا اكتشفت أنه كتاب غير مناسب . فلا تترك الطفل المستمع معلقًا مدة ثلاثة أو أربعة أيام بين مشهد وآخر فى الكتاب ، وإلا فإنه سيفقد اهتمامه بالقصة وحماسه للاستماع إلى بقيتها .
          * الجو العام عنصر هام فى تركيز حاسة الإصغاء ، والملاحظات التى تعبر عن السلطة                           أو التسلط تفسد هذا الجو ، لذلك تجنب التلفظ بعبارات ، مثل : " توقف عن هذا الذى تفعله ! "   أو " تنبه لما أقول ! " أو " لا تتحرك من مكانك !! "
          * يجب أن يكون هناك وقت للحوار حول القصة بعد الانتهاء منها ، فيمكن مناقشة الأفكار ، والمواقف المثيرة للحماس والفرح ، والمخاوف والاكتشافات والنجاح والفشل ، وكل الأشياء التى يمكن أن يثيرها الكتاب فى نفس الطفل .
* شجع الطفل على التعبير عن كافة مشاعره شفويًّا ، أو بالرسم أو بالكتابة عندما يتقدم به العمر ، لكن لا تُحوّل المناقشة إلى موعظة أو درس فى القيم والأخلاق بهدف استخلاص العبرة                 أو " ماذا تعلمنا من هذه القصة ؟!! "
          * عندما تقرأ استخدم مختلف ما لديك من أساليب التعبير ، وذلك باستخدام تعبيرات الصوت وملامح الوجه وأوضاع الجسم كلما أمكن ذلك .
          * الطفل فى حاجة إلى أن يستمع بوضوح إلى نطق الكلمات ، لذلك تجنب  السرعة وأنت تقرأ ، وهذا يساعد أيضًا على أن يتخيل الطفل المستمع الصور التى تجسم فى خياله ما يستمع إليه ، فتعيش شخصيات القصة وأحداثها فى وجدانه .
          * كذلك اقرأ بهدوء لكى يتمكن الطفل من تأمل الرسوم التى فى الكتاب بغير أن يشعر أنه فى عجلة من أمره .. كما أن القراءة بسرعة لن تمكن القارئ من الاهتمام بتعبيرات صوته .
          * من الأفضل أن تقرأ الكتاب لنفسك قبل أن تقرأه مع طفلك ، فهذا يسمح لك بالتعرف على الموضوعات التى يحسن اختصارها أو التركيز عليها أو التوسع فيها .
          * كن حريصًا على الإصغاء إلى أسئلة الطفل ، كذلك احرص على الإجابة عنها على نحو لا يقطع معايشة الطفل للقصة .
          * على الآباء والأمهات أن يشتركوا معًا فى القراءة لأطفالهم ، ولا يترك أحدهما هذه المهمة للآخر ، ذلك أنه إذا قامت الأم وحدها بهذه المهمة فقد يتصور بعض الصبيان أن القراءة شىء هام للبنت أكثر مما هى مهمة للصبى .
          * كن قدوة ، فعليك أن تحرص أن يراك أطفالك وأنت تقرأ مستمتعًا بما تقرأ ، وذلك فى غير الأوقات التى تقرأ فيها لطفلك . وحاول أن يشترك معك أطفالك فى الاستمتاع ببعض ما تقرأ إذا كان فيه ما يثير اهتمامهم أو حب استطلاعهم .
          * يجب الاهتمام بتخصيص وقت ولو قصير كل يوم ليقرأ الطفل بنفسه ، حتى إذا كانت القراءة لا تزيد على مجرد تقليب صفحات الكتاب وتأمل ما به من رسوم . ذلك أن أهم هدف من القراءة مع طفلك هو الوصول إلى أن يقرأ الطفل الكتب بنفسه .
          * تذكر دائمًا أنه من الأفضل لطفلك أن يقرأ كتابًا سهلاً جدًّا على أن يقرأ كتابًا صعبًا جدًّا بالنسبة إلى سنه .
          * شجع الأطفال الأكبر سنًّا ليقرءوا للأطفال الأصغر منهم سنًّا ، لكن لا تلقِ بكل مهمة القراءة لطفلك على أخوتهم الأكبر منهم .
          * لا تقرأ أية قصة لا تستمتع أنت بقراءتها ، ولا تستمر فى قراءة كتاب ما دمت تكتشف أن اختيارك له لم يكن سليمًا .
          * لا تستخدم فترة القراءة كتهديد ، فلا تقل مثلاً " إذا لم ترتب غرفتك فلن أقرأ  معك ! " ، فعندما يشعر الأطفال أنك حولت الكتاب إلى أداة تهديد ، فإن مشاعرهم الإيجابية نحو الكتاب ستتحول إلى مشاعر سلبية .
** الأسرة وقراءة الأطفال
قبل أن يبلغ الأطفال سن السادسة بوقت طويل ، يجب أن يكونوا قد اكتسبوا خبرات متنوعة فى علاقاتهم بالكتب والمطبوعات المختلفة ، وذلك من خلال بيئتهم الأولى ، وهى الأسرة .
          فالأطفال عندما يولدون فى بيئة تشجع على القراءة ، ويجدون حولهم كثيرًا من الكتب الخاصة بهم ، والتى يتعاملون معها بأكثر من حاسة من حواسهم فتقترب بذلك من الألعاب .. كما يجدون كبارًا يشاركونهم الاهتمام بهذه الكتب ، ويشجعونهم على هذا الاهتمام ، ويَشُبُّون فى منزل به مكتبة لحفظ الكتب ، ويشاهدون الكبار يعاملون الكتب بعناية واهتمام ، مع تخصيص مكان يحفظ فيه الأطفال كتبهم الخاصة بهم ..
فى مثل هذه البيئة ، تنمو قدرة الأطفال على القراءة ، بنفس الطريقة التى تنمو بها قدرتهم على الكلام .
إن مثل هؤلاء الأطفال ، عندما يذهبون إلى المدرسة ، وتبدأ فترة تعلمهم القراءة بالمعنى المدرسى ، سيجدون لديهم قائمة كبيرة من الأفكار   والمدركات والاتجاهات النفسية التى كوَّنوها نحو القراءة ، فيُقْبـِلون فى سعادة ورغبة على المطالعة ، كما يكونون قد اكتسبوا كثيرًا من الخبرات التى تعينهم على فهم ما يقرءون .
- إن هناك دافعًا يدفع الأطفال إلى الاهتمام بالكتب . ويبدأ هذا الدافع فى مرحلة مبكرة جدًّا ، ثم يستمر إلى أن يتعرف الأطفال على معانى الرموز المكتوبة فى سن السادسة . وعلينا أن نستثمر هذا الدافع ، بتقديم الكتب المناسبة لكل مرحلة من مراحل نمو الطفل .
- وإذا كنا نعانى فى مجتمعاتنا العربية من ظاهرة انصراف الراشدين عن القراءة بوجه عام ، وعن القراءة الجادة المنتجة بوجه خاص ، وعن قراءة المواد العلمية بوجه أخص ، فإن ذلك يرجع فى معظم أسبابه ، إلى مرحلة الطفولة المبكرة ، التى لم يجد فيها أطفالنا راشدين من أفراد الأسرة ، يكونون قدوةً لهم فى الاهتمام بالقراءة ، واحترام الكتاب ، ومد يد العون لهم فى مراحل القراءة الأولى .
لذلك لابد أن تتضافر جهود المجتمع كله ، مع أجهزة النشر والإعلام والتريبة والثقافة ، ليس فقط لتوفير الكتب والمكتبات للأطفال ، بل أيضًا لتنبيه الأسرة والراشدين إلى دورهم الأساسى فى تكوين عادة القراءة المنتجة المفيدة لدى الطفل .
* القراءة مجموعة مهارات
القراءة فى حقيقتها عملية مُرَكَّبة ، وليست مجرد التعرف على أصوات الحروف وكيفية نطقها ، أو مجرد التعرف على شكل الكلمات ونطقها ، إن عملية القراءة تتضمن - بالإضافة إلى ما سبق ، وفى نفس الوقت - القدرة على فهم معانى الكلمات ، وفهم معانى الجمل ، والربط بين تسلسل الأحداث ، مع القدرة على التركيز ، والاستيعاب ، والنقد ، وعلى إعادة التعبير عمًا تمت قراءته .
* لهذا يجب أن نؤكد على أن الاستمرار فى حب القراءة ، والإقبال على    الاطلاع ، واحترام الأطفال للكتب ، يجب أن تسبقه خبرات طيبة ، فى أسرة تعمل على إنماء شخصيات الأطفال ، واحترامهم ، وتحيطهم بالكتب المناسبة لأعمارهم ، وتعطيهم المثل فى أشخاص بالغين يهتمون بالقراءة ، ويهتمون أن يقرءوا للطفل .
 * وأن يُزَودوه بكثير من الخبرات المختلفة ، وأن يمنحوا الطفل فرصة الاتصال المباشر بالأشياء والحقائق ، وذلك بتركه يلاحظ ويتعلم من خلال الرحلات والتجوال ، وزيارات المتاحف والمصانع          والحقول ، ثم تشجيعه على أن يتحدث عما شاهد ، فتنشأ لديه ثروة لغوية ، وتتكون لديه جذور مختلف الأفكار ووجهات النظر فى الأشخاص والأشياء .
* وعلينا أن نصبر على أسئلة الطفل ، فإن سلوك الكبار نحو إجابة الأطفال عمَّا يسألون عنه ، من أهم وسائل تنمية قدرة الأطفال على فهم ما يقرءون . 
* كما ينبغى أن نعاون الطفل على أن يعبر بوضوح عما يجول فى خاطره ، وأن نُظهر الاهتمام بمحاولته للتعبير عما يفكر فيه .
* وأن نعاونه على استعمال الكلمات ، وعلى نطقها بدقة .
* وعلى أن يعتاد سماع القصص ، وأن يعيد روايتها ، وأن يضيف إليها إذا أراد مستخدمًا خياله وكل قدراته على الإبداع والابتكار .
* إن الطفل يكتسب أول أفكاره وأقواها عن العالم أثناء حياته التى يحياها فى المنزل ، فهو يكتسب منها اتجاهاته العقلية ، وطريقته فى التعبير عن انفعالاته .
- ولنتذكر أن الأطفال يرغبون فى تعلُّم القراءة ، لكن لنحذر أن ندفع الطفل فى مرحلة ما قبل المدرسة نحو تعلُّم القراءة ، بل لنجعل جهودنا محصورة ، فى هذه الفترة ، فى إعداده للقراءة ، بدون أن نخرج عن نطاق المتعة البريئة واللعب المسلى ، ذلك أن تعليم طفل لم يسبق له التَّعلُّم أسهل كثيرًا من استئصال عادة خاطئة نتيجة محاولة تعليم الطفل قبل السن المناسبة .
- ويجب دائمًا أن ننظر إلى الخطأ على أنه خطوة طيبة على الطريق السليم ، وأن نحذر تمامًا من السخرية بأخطاء الطفل اللغوية ، لأن الخوف من الوقوع فى الخطأ كثيرًا ما يعوق الأطفال عن التعلُّم .
- ولنتذكر أن النضج الانفعالى لا يُستكمل حتى سن السادسة ، بل أحيانًا حتى              سن أكبر من ذلك ، وبشكل يسمح بتكوين الروح الرياضية عندهم ، لذلك يتحتم علينا تحاشى الالتجاء إلى المنافسة والمقارنة بين طفل وآخر . حتى لو كان أخاه ، كوسيلة من وسائل الحَفْز فى مجال التعليم .
- ويجب اختيار الكتب المناسبة فى موضوعها وصورها لكل سن ، كذلك اختيار الكتب المناسبة فى حجم الحروف . ذلك أنه قبل سبع سنوات ، يصعب على الأطفال تركيز أبصارهم فترة طويلة على الأشياء الدقيقة ، لذلك يجب فى كتب مرحلة ما قبل المدرسة ، أن تستخدم حروف الكتابة الكبيرة الحجم جدًّا .
- كما يجب تخصيص عدة أرفف فى غرفة الطفل لحفظ الكتب ، وتدريب الأطفال على إعادة الكتب إلى مكانها بعد الانتهاء من " مطالعتها " ، أو بمعنى أدق ، بعد مشاهدة ما بها من صور .                       
إن القراءة إذا بدأت فى سن باكرة ، أصبحت عادة تزداد المتعة بها يومًا بعد  يوم ، تبدأ بالطفل وتستمُّر معه فى مراحل حياته المختلفة ، تنمى ثقته بنفسه ، وترسم له آفاق المستقبل والمعرفة الشاملة .

** الحفز على القراءة من خلال
تنمية قدرات الصغار على تذوق الفن القصصى :

* نقدم هنا للمربى عددًا من الوسائل لتنمية قدرات الصغار على معايشة القصص ، والتفاعل مع موضوعات وشخصيات ومواقف الحكايات ، وهو ما يعمل على إثارة الاهتمام بقراءة القصص ، ويحفزهم على الاطلاع :
** أولاً : أثناء قص قصة : يستطيع المُربى استخدام أسلوب الحوار والسؤال والجواب لقص القصة :
* فعلى من يحكى القصة أن يحرص على اشتراك الصغار معه فى التعبير بألفاظهم وخبراتهم وخيالهم عن مواقف القصة المختلفة ، لتشجيعهم على الإبداع والابتكار والتفاعل والمشاركة ، لتنمية تذوقهم للفن القصصى ، وإثارة اهتمامهم بقراءة القصص .
          * وعلى المُربى أن يستعين بوسيلة إيضاح ، ليكون من السهل عليه أن يسأل المستمعين الصغار                   عما يشاهدون ، لكى يعبِّروا هم بألفاظهم عن مواقف القصة المختلفة . فعند كل موقف ، من المهم الاستماع إلى أكثر من مستمع ، بل إلى أكبر عدد من المستمعين ، لكى يقدم كل منهم تعبيره الخاص عن ذلك الموقف ، لما فى هذا من تنمية للتذوق وللقدرات الإبداعية .  
          * ومن أفضل الوسائل لتنمية أسلوب الحوار والمشاركة بل الإبداع ، تشجيع المستمعين على                        " ابتكار الحوار " الذى يمكن أن يدور بين شخصيات القصة فى المواقف المختلفة ، سواء كانت هذه الشخصيات من البشر أو الحيوانات أو الجمادات .
* وهنا لابد من تشجيع المستمعين الصغار على أن يعبر كل واحد منهم بألفاظه وعباراته وتعبيرات وجهه وجسمه ، على نحو يختلف عن أسلوب تعبير غيره من المستمعين ، وذلك لتنمية القدرة على التخيل والابتكار والإبداع ، ولتنمية الثروة اللغوية ، وتنمية الثقة بالنفس ، والقدرة على التعبير بالكلمات عن المواقف والأحداث والشخصيات .
          وكذلك لتدريب المستمعين الصغار على اللعب الخيالى أو التمثيلى ، الذى يمكن أن يقوم به الصغار كنشاط مستقل بعد الانتهاء من قص القصة ، عندما يقومون هم أنفسهم بتحويل مواقف من القصة إلى حوار ، يقومون هم بإبداعه ، ثم تمثيله ، مجموعة بعد مجموعة ، على أن تقدم كل مجموعة عبارات جديدة ، أو أساليب تعبير تمثيلية تختلف عن الذين سبقوهم  .
          * كما يمكن تشجيع المستمعين الصغار على تقديم أكثر من سبب لتصرفات أبطال القصة ،                مثلاً ، فى قصة " الحمامة والنملة " ، يمكن أن يقدم الأطفال إجابات مختلفة عن سؤال : " لماذا سقطت النملة فى الماء ؟ " وقد تكون الإجابات : لأنها أرادت أن تشرب -  أو كانت تريد أن ترى صورتها فى الماء -  أو لأنها ذهبت لتغسل أقدامها التى لوثها الطين -  أو لأنها أرادت أن تلعب مع الأسماك أو تتفرج عليها -  أو أن الرياح الشديدة قذفت بها إلى الماء - أو أنها أرادت استرداد شىء وقع منها فى الماء ، وكلها إجابات مستمدة من خبرات الأطفال .
** ثانيًا :  بعد الانتهاء من قص القصة ، ولتدريب المستمعين على معايشة الإبداع القصصى ، على المُربى تشجيع الصغار على القيام بكل أو بعض الأنشطة التالية : 
* أن يقوم الأطفال بإعادة قص القصة ، يشاركون فى ذلك واحدًا بعد الآخر ، مُستخدمين الوسائل المُعينة ، ثم بدون الوسائل المُعينة ( وسائل الإيضاح ) ، ويكون لهم حرية التعديل والإضافة والحذف ، مستخدمين قدراتهم الإبداعية والابتكارية .
* أن يقوم المُربى بإلقاء أسئلة وإجراء حوار مع المستمعين حول مواقف القصة ، وشخصياتها ، وفكرتها الرئيسية ، مع ربط كل هذا بخبرات المستمعين الشخصية . ويمكن أن يقوم الصغار بتوجيه الأسئلة لبعضهم بعضًا ، كما يمكن تدريب الأطفال على صياغة أسئلة حول بعض الإجابات التى يختارها المُربى أو أطفال آخرون .
* تشجيع المستمعين على اختيار اسم جديد للقصة ، ويمكن لعدد كبير من الأطفال والفتيان اختيار أسماء متعددة . ونلاحظ أن هذا النشاط يساعد على استخلاص فكرة القصة ، وموضوعها ، ووجهة النظر التى تتضمنها . مع بيان سبب هذا الاختيار  .
* تشجيع المستمعين على اختيار خاتمة جديدة للقصة ، ويمكن لأكثر من مستمع أن يقترح خاتمة مختلفة للقصة ، مع بيان سبب هذا الاختيار .
* تشجيع أن يقترح الصغار تغيير أحد مواقف القصة  ، ويمكن لأكثر من مستمع أن يقترح تغييرات مختلفة للموقف الواحد ، مع مناقشة الهدف من كل اقتراح .
* تمثيل الصغار لأحد مواقف من القصة ، ويمكن أن يتم تمثيل الموقف الواحد عدة مرات بأطفال مختلفين ، على أن يغير كل واحد منهم أساليب التعبير وجمل الحوار .
* قيام الأطفال أو الفتيان بقص أو كتابة قصص مشابهة فى موضوعها أو مضمونها                 للقصة التى سمعوها .
** ثالثًا : حكاية قصة أو كتابتها من واقع عدد من الرسوم لا تتضمن أية كلمات ، وهناك عدد كبير من كتب المدارس الأجنبية ، صدرت تحت عنوان " أستطيع أن أكتب                   قصة " ، يتضمن كل كتاب حوالى 15 قصة مرسومة بغير كلمات . وفى نهاية كل كتاب عبارة تقول : " إذا كنت قد استطعت أن تحكى أو أن تكتب أربع عشرة قصة مستعينـًـا بالرسوم ، فإنك تستطيع أن تحكى أو تكتب قصة جديدة من تأليفك ، كما تستطيع أن ترسم قصة تبتكر موضوعها " .  
          وهناك مجموعات من كتب الأنشطة العربية ، موجهة إلى عمر الملتحقين بالمرحلة الابتدائية ، تتضمن مثل هذا النشاط الحافز على كتابة القصة ، صدرت تحت عنوان " اصنع بنفسك " .
** رابعًا : تنمية موهبة كتابة القصة ومعايشة عناصر القصص ، عن طريق تحويل القصص إلى تمثيليات . وبهذه الطريقة يُمكن أن نــُـعاون الأطفال على تمثيل قصة طالعوها أو سمعونا نقرؤها . وفى هذا النشاط التمثيلى ، يجب أن نترك للأطفال حُـرّية ابتكار الحوار وأساليب              التعبير ، بل تغيير بعض المواقف أو تغيير الخاتمة .
-  كذلك يجب أن يشترك كل الأطفال فى هذا النشاط ، فالشخصية الواحدة يُمكن أن يُمثــّـلها أكثر من طفل بالتناوب .
- ويُمكن أداء هذا النشاط التمثيلى بالدُّمى ( العرائس ) التى يُمكن أن يصنعها الأطفال بأنفسهم ، أو بالأقنعة .
- ويتم هذا النشاط فى البيت ، أو داخل قاعة الفصل أو فى قاعة المكتبة ، بغير حاجة إلى قاعة مسرح ، وبغير بحث عن متفرجين خارج مجموعة الأطفال المشاركين .
** خامسًا :  حَكْى أو كتابة قصص حول موضوعات يقترحها المُربى ، تكون قريبة من خبرات الأطفال الحياتية ، تتضمن العنصر الإنسانى ، مع الاهتمام فى بناء العقدة على ما يحدث للبطل من " تَحَـوُّلات " ما بين بداية القصة ونهايتها .
ونقدم بعض النماذج لهذه الموضوعات :
* هناك شىء أو شخص أو موقف كنت تخاف جدًّا منه وأنت صغير ، ثم حدث شىء جعلك تتغلب على هذا الخوف - اكتب قصة هذا التحول وكيف حدث .
* زميل فى فصلك كنت تظن أنه لا يمتلك أية مواهب ، وفى أحد المواقف ظهرت بوضوح إحدى مواهبه المتميزة ، فتغير تقديرك له .
* ابن أو ابنة فى أسرة يتصور أو تتصــور أن الوالديــن لا يعطيــان له أو لهــا نفــس
الاهتمام الذى يتمتع به بقية الإخوة والأخوات ، ثم حدث شىء ترتب عليه تغير هذا التصور .
* هناك شىء تريد أن تغيره فى نفسك لكنك لا تستطيع ، ثم حدث شىء جعلك    تتغير ( مثلاً : لا تذاكر - لا تهتم بأن ترعى أخًا أو أختًا أصغر منك - لا ترتب غرفتك ) .
* ماذا يحدث لو أننى  ( سمكة شاهدَت زميلة لها تقع فى شبكة الصياد - وردة يريد ولد أو بنت أن يقطفها مع أنها تزين الحديقة - قطرة ماء تخاف من التلوث - قطة فى بيت يعاملها ولد أو بنت بقسوة وبغير شفقة ) .
* شىء أنت مقتنع أنه صواب ، واضطررت للدخول فى صراع دفاعًا عن رأيك .. كيف حدث هذا ، وكيف واجهت النتائج ؟     
* أساء مدرس ذات مرة إلى مشاعرك .. لماذا فعل ذلك ؟ وماذا كان موقفك       أو رد فعلك ؟                                   
** سادسًا :  تشجيع المُربى للأطفال واليافعين على كتابة اليوميات أو المذكرات : فالطفل أو الفتى يمكن أن يسجل ( أو تسجل ) فى دفتر يومياته كل ما وقع على حواسه خلال النهار ، ما سمع وما رأى                     وما لمس أو تذوق . أن يحكى انطباعاته وانفعالاته عن مواقف حدثت فى البيت أو المدرسة أو الشارع ، وعن رأيه فيما قرأ من كتب أو مجلات أو ما شاهده من أفلام أو مسلسلات ، أو عن مباراة رياضية أثارت    اهتمامه . إن الصغير  يتعود ، بهذه الطريقة ، على تحويل الخبرات والمشاعر والانطباعات والأحداث إلى كلمات وعبارات ، وهذا من أقوى الدوافع للقراءة ، لكى يعايش القارئ خبرات الآخرين .
          بالإضافة إلى أن هذا ينمى التنبه إلى كل ما يحدث حولنا ، ويزودنا بذخيرة هائلة من الخبرات ووجهات النظر فى الأشخاص والأشياء . 
المهم المواظبة على الكتابة يوميًّا بغير توقف . حيث إن الكتابة ثم الاستمرار فى الكتابة هما أهم تدريب يؤدى إلى الإتقان والوضوح وسلاسة التعبير .
وعلى المُربى أن يهتم ، بين يوم وآخر ، أن يدعو مَن يكون مستعدًّا من الصغار ، ليقرأ بعض                        ما يختاره من دفتر مذكراته أو يومياته .
** سابعًا : تشجيع الصغار على أن يكتبوا رأيهم فى قصة أو رواية ، إنها وسيلة أساسية يكتشف الصغار من خلالها أسرار فنون كتابة القصة . وعلى المربى أن يستمع إلى آراء الصغار هذه بين وقت وآخر ،أو يقرأ ما كتبوه ، لأن هذا الاهتمام من الكبار بما يقوم به الصغار من أهم حوافز الصغار للاستمرار فى أى نشاط .   

سلوك الأطفال نحو الكتب
ينقسم سلوك الأطفال نحو الكتب ، فى مرحلة ما قبل القراءة ، إلى عدة مراحل . ويتوقف العمر الذى تظهر فيه خصائص كل مرحلة ، ومعدل سرعة هذا الظهور ، على اهتمامات الطفل وقدراته الطبيعية ، وعلى الكتب التى توجد فى محيطه . كما يتوقف على البالغين الذين لديهم من الصبر والأناة ما يجعلهم يتحدثون إليه عما فى تلك الكتب ،                                  أو يقرءون له فيها .
* مرحلة التناول باليد :
فى الشهور الأولى من حياة الطفل ، يُظهر الصغير اهتمامًا عابرًا بالكتب . إنه فى هذه السن ينظر إلى الكتاب كما ينظر إلى أى شىء حوله : يضعه فى الفم ، ويمسكه باليد ، ويُسقطه على الأرض ، وينتزع الورق ويمزقه ، ويصغى لصوت الورق ينثنى    ويتمزق ، ويتأمل ما يحدث لقطعة الورق عندما يضغط عليها بيديه الصغيرتين . إنه يكتسب بهذا خبرة أولية فى عالم الورق والكتب .
ولإتاحة الفرصة أمام الطفل لاكتساب هذه الخبرة ، يمكن أن نضع بين يديه أوراقًا من مجلات قديمة ، يحسن أن تحتوى على صور ملونة . إن صورة براقة الألوان قد تجذب انتباه الطفل فى هذه السن فيمنحها شيئًا من اهتمامه ، لكن لا يسهل عليه فى هذه المرحلة المبكرة جدًّا أن يتعرف حتى على صور الأشياء البسيطة المألوفة ، ولا تثير الحروف أى شىء من التفاته .  
* مرحلة الإشارة إلى الصور :
ومن بداية الشهور الأخيرة من السنة الأولى من عمر الطفل ، ينشأ لدى الصغير اهتمام بصور الكتب . وتقوم الأم بدور رئيسى فى هذه المرحلة ، فتقوم بتقليب صفحات الكتاب فى حين يتفرج الطفل عليها . وقد يهتم الطفل هو نفسه بعملية التقليب ، لكنه  لن يستطيع أن يقلب صفحة بعد أخرى ، بل يعود إلى عملية التمزيق .
- وأفضل الكتب لهذه السن هى المصنوعة من صحائف من القماش ، أو أى مادة تقوى على تحمل ما يوجهه الطفل إليها من ضرب ولكم وعض ، كذلك الكتب التى تقترب فى شكلها من الألعاب ، كأن تكون لها عجلات ، أو بها أجزاء تتحرك .
- وكتب هذه المرحلة لا تحتوى إلا على صور مكبرة ، ملونة بألوان زاهية ، للأشياء البسيطة المألوفة فى محيط الطفل ، من حيوانات وألعاب وأدوات الاستخدام اليومى ، مثل الكرة              أو القط أو المقعد أو الملعقة .
- وسوف يستمتع الطفل بالتطلع إلى تلك الصور ، ويربطها بخبراته القليلة ، فالملعقة قد يطلق عليها اللفظ الذى يستخدمه فى الإشارة إلى الطعام " مم " . والقطة   قد يسميها " بس " ، وذلك عندما يصل إلى المرحلة التى يستطيع فيها نطق تلك المقاطع .
- وسيتذوق الطفل أى صوت تحدثه أمه مما يناسب تلك الصور ، مثل تقليد أصوات الطيور أو الحيوانات ، وسوف يحاول أن يقلد بحماس ما يسمعه من أمه من أصوات .
- وعلى الأم أن تحدث الطفل عن الصور بكلمات بسيطة ، وعبارات مختصرة ، مع تجنب أن تتحدث معه بطريقة نطق صغار الأطفال للكلمات ، وذلك حتى يعتاد الصغير النطق الصحيح للكلمات والعبارات ، مما يساعده فى سنواته المقبلة على سرعة إتقان التعبير عن نفسه بالكلمات الصحيحة ، ينطقها بطريقة سليمة .
- ومتى استطاع الطفل أن يتطق بعض الكلمات ، فيجب تشجيعه لكى يكررها .
- وفى هذه المرحلة ، أيضًا ، لا تثير الحروف المكتوبة التفات الطفل .
 *  مرحلة تسمية الأشياء :
- من بداية الشهر الثامن عشر ، يبدأ الطفل فى استعمال كلمات نابعة من نفسه مع الصور ، وهذا يعاونه على زيادة حصيلته اللغوية . إنه يشير إلى الصور ويسميها : قط .. زرافة .
إنه يسأل الكبار عن الصور : " ما هذا ؟" أى أن الكتب بدأت تصبح لديه وسيلة لاكتساب المعلومات . كذلك يقلد الطفل أصوات الحيوانات التى يرى صورها .
- وفى هذه المرحلة ، يمكن أن يبدأ الطفل فى إدراك الجهة التى تتجه إليها الصور ، فلا يضعها أمامه مقلوبة .
- كما يأخذ فى تعلم ضرورة المحافظة على الكتاب وعدم تمزيق صفحاته .
- ويلاحظ أن تكوين عادات التعامل مع الكتاب بأسلوب يحافظ عليه ، هى أمور يقتدى فيها الأطفال بمن يحيط بهم من الراشدين ، ولا يتعلمونها إذا اتبعنا معهم أسلوب النصائح والتوجيهات  المجردة .
  * مرحلة حب القصص القصيرة البسيطة :   
- تبدأ هذه المرحلة بعد تمام عامين من عمر الطفل وتمتد إلى ثلاث سنوات ، وفيها يسمى الطفل عملية النظر إلى الكتاب " قراءة " ، ويستمر فى حفظ أسماء الصور والأشياء التى          بها ، كما يجب أن يسمع قصة عن كل صورة .
- ولابد من الاهتمام فى هذه المرحلة بأن نقرأ للطفل ما فى كتبه من قصص بصوت مرتفع . إننا نثرى بذلك ثروته اللغوية ، ونشجع محاولاته للتعبير عن نفسه .
- وليس مهمًّا عدم قدرة الطفل على نطق كل الكلمات التى نقرؤها له ، ففى هذه السن يستطيع الطفل أن يفهم كلمات أكثر من الكلمات التى ينطقها . لذلك يود الطفل فى هذه المرحلة أن تعاد عليه قراءة نفس الكتاب ، إلى أن يتقن ما به من كلمات .
ويمر الطفل بخبرة عاطفية ممتعة ، عندما يجلس على ركبة أمه ، مرة واحدة على الأقل فى اليوم ، وهى تقرأ له من كتاب يحبه . إن هذا يهيئ للطفل مستقبلاً سعيدًا فى صحبة الكتب .
- ويجب أن نحذر من إعطاء الطفل فى هذه المرحلة كتبًا كثيرة جديدة مرة واحدة ، خوفًا من أن يختلط عليه الأمر ، ويفقد اهتمامه بها جميعًا .
- وفى هذه المرحلة ، يستطيع الأطفال أن يعرفوا ويحترموا القواعد التى تمنع أخذ الكتب من أماكن معينة ، والتى توجب إعادتها إلى أماكن معينة . لكن لا يجب وضع الكتب الخاصة بالأطفال بعيدًا عنهم ، بل يحسن وضعها بحيث يمكن أن يرى الطفل أغلفتها الكاملة .
- وفى هذه السن ، يبدأ الأطفال فى إظهار إدراكهم للحروف ، باعتبارها شيئًا آخر يغطى جانبًا من صفحات الكتاب .
  * مرحلة البحث عن المعانى :
- تبدأ بعد عامين ونصف العام . أو بعد ثلاث سنوات ، وفيها تبدو الصور للطفل وكأنها أشياء حقيقية حية - فقد يمد يده ليأخذ شيئًا من صورة ، وقد يُقَبِّل طفلاً فى  صورة ، وقد يُصدر أصواتًا تدل على المشاركة الوجدانية ، مثل " مسكين عادل .. وقع على الأرض .. لا تبكِ " . وقد يخلق لنفسه صديقًا يتخيله ، ويكون مستمدًّا من شخصية فى الكتاب .
- كذلك يزداد اهتمام الطفل بالكلام الذى يسمعه فى أثناء النظر إلى الصور ويحفظه .
 - وفى هذه السن ، يحب الطفل الأغانى المسجوعة ، ويهتم بالكتب التى بها معلومات عن أشياء يشعر بحاجته إلى أن يعرف شيئًا عنها ، مثل السيارات والطيارات والقطارات . وكذلك يخصص لنفسه مكانًا يحفظ فيه كتبه .
- وفى هذه المرحلة ، فإن أشكال الحروف ، وإن كانت تجذب اهتمامه ، فإنها  لا تستوقفه ، بل يمر عليها مَرًّا . 
  * مرحلة سرد القصص وملاحظة الحروف :
- بعد العام الثالث أو فى منتصف العام الرابع من حياة الطفل ، يصبح الصغير قادرًا على الاشتراك مع غيره من الأطفال فى الاستمتاع بالكتاب ، ويأخذ فى اكتساب القدرة على تفسير الصور والتعليق عليها . إنه يمكن أن يتوقع حوادث معينة وأن يقوم بتعليل حادث . كذلك يمكنه الإصغاء إلى عبارات مكتوبة لا تصحبها صور ، ويمكن أن يعيد سرد القصص البسيطة جدًّا ، والتى تساعد الصور الواضحة على سردها .
- وفى هذه المرحلة تكون صور الكتب وسيلة هامة وأساسية لإثارة أحاديث متبادلة بين الأطفال والكبار ، تتناول مختلف الموضوعات ، وتحفز النمو العقلى للطفل ، مع توسيع مداركه ، وزيادة ثروته اللغوية . وهذه كلها أسس مهمة يُعْتَمَد عليها ، تَفْتَح إدراكه العام ، وما يترتب عليه من سرعة تقدمه فى القراءة فى مستقبل أيامه .
إن صور الكتب التى توضع لهذه السن ، تضع أمام الطفل أسئلة تحمله على أن يتعرف على الفروق بين الأشياء ، كأن يميز ، بالتطلع إلى صور الحيوانات ، بين ما يعيش منها فى البيت وما يعيش منها فى الحقل أو فى حديقة الحيوانات ، أو يتعرف على ما هو طائر وما هو حيوان ، أو يتعرف على ألوان ما يوجد فى الصور من أشكال ، أو يقارن الأشكال والأوضاع ، فيحدد مثلاً  الصغير والكبير والمتشابه والمختلف . إن القدرة على تمييز الاختلافات فى الأشكال التى فى الصور ، ستكون عونًا كبيرًا للطفل فيما بعد عندما يبدأ تعلُّم القراءة .  
- كما أن الكتب الموجهة للأطفال فى هذه المرحلة يمكن أن تحتوى على صور متتابعة ، قليلة العدد ، تحكى قصة بدون أن يصحبها نص مكتوب ، فالأطفال يجب أن يتعلموا من هذه السن المبكرة أن الصور المتعاقبة قد تمثل قصة . وقد يجد الآباء والأمهات من الضرورى أن يبدءوا هم بحكاية قصة أو اثنتين فى مجال الحكايات المكونة من صور متتابعة ، ولن يطول الوقت قبل أن يرغب الأطفال - كل حسب إمكاناته - فى أن يقوموا هم بحكاية القصة من صورها المتعاقبة .
- لكن على الوالدين أن يتذكرا دائمًا أن نمو الأطفال وتطورهم يتفاوت نوعًا وسرعة ، فلكل طفل أوضاعه وحدوده ، وعلى الوالدين ألا يقلقا إذا لم يرد الأطفال بإجابات صحيحة عن الأسئلة التى تطرحها الكتب ، فبالمعاونة والتوجيه الصحيح سيفعلون ذلك عندما يستطيعون .
* مرحلة ما بين الرابعة والخامسة من العمر :
- بعد الرابعة من العمر وإلى الخامسة ، يجد الطفل متعة فى مصاحبة غيره ، لهذا تزداد مهاراته الاجتماعية ، وتفوق اهتمامه بالكتب . وفى هذه المرحلة يجد الطفل متعة فى كل ما يثير الضحك ، خاصة الصور الهزلية ( الكاريكاتير ) ، وفى الكلام الساذج ، حتى إذا              لم يكن له معنى ، مثل : الثعلب فات فات - يا طالع الشجرة هات لى معاك بقرة - هات الخشبة خشبة حبشى . كذلك فإن الطفل فى هذه السن ، تصبح لديه القدرة على أن يحفظ القصص كلمة كلمة . وتكثر أسئلة الأطفال : " لماذا ؟ " .. " ما سبب ؟ "
- وأطفال العامين الرابع والخامس يدركون أن هناك علاقة بين النص المطبوع والقصة ، ويظنون أن كل ما يقوله القارئ مستمد من النص نفسه .
-  وفى هذه المرحلة يبدأ الاهتمام الحقيقى بالقيمة اللغوية للكتاب ، كما يحب الأطفال المكعبات التى توجد عليها حروف الكتابة .
*          *          *
- ويلاحظ أنه فى الفترة من ثلاث إلى خمس سنوات ، يفضل الطفل القصص التى تدور حول الحيوانات ، أو حول شخصيات فى محيطه مثل الأب والأم والأخ ، أو حول الأحداث اليومية التى يعرفها الأطفال كل المعرفة . مع تسمية كل شخصية بصفة يسهل عليه تمييزها ، مثل " الدجاجة الحمراء " أو " ذات الرداء الأحمر " .
- كما يحسن أن تكون الشخصيات فى هذه القصص ، حتى الجماد منها ، متكلمة ولها أصوات وحركات . وأن تتضمن القصة إيقاعًا فى الكلمات أو الجمل . كما يحب الأطفال سماع تقليد أصوات الحيوانات والأشياء . وأن تركز القصة على الحركات ، فى جمل قصيرة وشخصيات قليلة ، مع التكرار فى العبارات والألفاظ .
- ولمن هم قبل الخامسة ، ليس من الحكمة أن نقص قصص الجنيّات . ففى عالمهم تختلط الحقيقة بالخيال ، فيجدون صعوبة فى معايشة الساحرات والعمالقة ، وسيصلون فى سن السادسة وما بعدها إلى فسحة طويلة من العمر ، يستمتعون فيها بهذه القصص ويستفيدون منها أيضًا .
** ما بعد تعلم القراءة

          كما يمر الطفل بعدة مراحل قبل تعلمه القراءة ، فإنه منذ أن يبدأ فى تعلم القراءة ، يمر أيضًا بعدد من المراحل تصل به إلى مرحلة النضج .
* مرحلة اكتساب العادات الرئيسية للقراءة :
          * تمتد هذه المرحلة من سن السادسة إلى سن السابعة ، أى خلال السنتين الأولى والثانية من المرحلة الابتدائية . وفى هذه المرحلة يتعرف الأطفال على الحروف والكلمات والتراكيب ، ويكتسبون القدرة على مزج الكلمات ببعضها لتكوين الجُمل ، كما ينظرون إلى القراءة على أنها ترجمة الرموز المكتوبة إلى ما تدل عليه من معانٍ .
وتكون سُرعة الأطفال فى القراءة الجهرية أكبر من سُرعتهم فى القراءة الصامتة .
*وفى نهاية هذه المرحلة ، يبدأ الاستقلال فى القراءة، وتبدأ القراءة الخارجية .
          * وفى هذه المرحلة ، وإلى سن الثامنة أو التاسعة ، يتخيل الطفل أشياء أبعد من الواقع المحيط به ، ولذلك يحب القصص التى تدور حول الحوريات والجنيات والساحرات والعمالقة . وقد تعلمت البشرية كثيرًا من هذه القصص ، فمعظمها يدور حول تحديد البطل لهدف صعب يقرر الوصول إليه ، ثم نجاحه فى مواجهة مختلف التحديات حتى يحقق هدفه .
          * ويهتم الأطفال ابتداء من هذه السن ، بالكتب التى تعطى معلومات ، بشرط أن تكون الصور والرسوم الواضحة الملونة مادة أساسية فيها ، وذلك مثل الكتب التى تتناول الحيوانات  أو وسائل المواصلات مثل السيارات والقطارات والطائرات ، على أن تكون فى حدود مقدرة فهم الطفل .
          كذلك يهتم الأطفال بالكتب التى تعطى معلومات عن كيفية صنع الأشياء ، والأعمال التى يقوم بها الناس ، وماذا يحدث من حولنا ، على أن يكون كل هذا بطريقة بسيطة ، لكن دقيقة وسليمة أيضًا .
* مرحلة النمو السريع فى إتقان المهارات الأساسية للقراءة :
          * وتمتد من سن الثامنة إلى التاسعة أو العاشرة ، أى خلال السنوات الوسطى من التعليم الابتدائى . وفيها ينتقل الأطفال من تعلم القراءة إلى القراءة للتعلم . وهم يستخدمون العادات والاتجاهات التى اكتسبوها فى المراحل السابقة من فهم وحُب للقراءة ، ليحصلوا على معلومات وخبرات جديدة . وفى هذه المرحلة تزداد سُرعة الأطفال فى القراءة الجهرية والصامتة ، مع رغبتهم الشديدة فى استخدام مهاراتهم فى قراءة كل ما يقع تحت نظرهم من مواد ،               مثل الإعلانات فى الشوارع وأسماء المحال التجارية .
          * ولكى تتحقق أهداف هذه المرحلة ، يجب أن تكون موضوعات الكتب مشوقة ولغتها سهلة . ويجب الحرص الشديد فى تقديم المفردات الجديدة فى هذه المرحلة ، وأن تكون نسبتها إلى الكلمات القديمة قليلة فى أول الأمر ، ثم تتزايد بالتدريج ، وهذا هو السر فى كثرة التكرار الذى يلاحظ فى المواد التى تقدم للأطفال حتى هذه المرحلة .
          * ويلاحظ أنه بعد سن ثمانى أو تسع سنوات إلى سن الثالثة عشرة والرابعة عشرة ، يقل اهتمام الطفل بقصص الحيوانات والقصص الخرافية ، وبدلاً منها يهتم الأولاد بقصص المغامرات والرحلات والأبطال والمكتشفين والقصص البوليسية ، على حين تفضل البنات القصص التى تدور حول العواطف الأسرية والفنية - مع استمرار الاهتمام بكتب المعلومات .
* مرحلة التوسع فى القراءة :
          * وتمتد من التاسعة أو العاشرة إلى ما يقرب من الرابعة عشرة ، وهو ما يقابل السنوات الخامسة والسادسة من المرحلة الابتدائية ، والسنتين الأولى والثانية من المرحلة الإعدادية . وفى هذه المرحلة ، يقرأ الأطفال كل ما تصل إليه أيديهم من مطبوعات . لذلك فإنه كلما كثرت مواد القراءة وتعددت موضوعاتها ، بحيث تشبع ميولهم وتنمى قدراتهم وخبراتهم ، زاد إقبال الأطفال على القراءة . وتعتبر هذه المرحلة أهم المراحل فى الاتصال بأدب الأطفال .
          * ومن أهم أهداف القراءة فى هذه المرحلة ، تكوين الثروة اللغوية الواسعة عن طريق المفردات والأساليب الجديدة ، بطريقة تمكن الأطفال من استخلاص معناها من السياق ، لذلك لابد من إمدادهم بالمعاجم التى تساعدهم على تحديد المعانى تحديدًا دقيقًا.
          * وسرعة الطفل فى القراءة الصامتة فى هذه المرحلة تفوق سرعة القراءة           الجهرية ، مما يساعده على الاستمرار فى القراءة .
          * وفى نهاية هذه المرحلة ، تنجح القصص التى تدور حول النجاح فى المشروعات والوصول إلى الزعامة والقيادة .
* مرحلة النضج
          * وتمتد إلى السادسة عشرة أو السابعة عشرة . وفيها تأخذ الاهتمامات العامة ، ومنهــا
اهتمامات القراءة ، فى التخصص ، وتقترب المادة المقروءة فى مفرداتها وخصائصها الأسلوبية من مواد القراءة العادية العامة ، وتتجه عناية القارئ إلى فهم الأفكار والمعانى ونقدها وتلخيصها ، واستخدام المراجع ومصادر المعلومات ، وتذوق قوة التعبيرات المجازية والصور البيانية وغيرها من الصور الفنية .
أطفال لا خبرة لهم بالكتب

* قد نجد فى المدارس أو المكتبات أو نوادى الأطفال ، أطفالاً لم تُتح لهم أسرهم أو بيئتهم أن يتزودوا فى السنوات الأولى من حياتهم بالخبرات اللازمة للاستعداد                   أو التهيؤ للقراءة ، مما يؤدى إلى تخلفهم عن زملائهم فى مراحل تعلم القراءة ، بل قد يجعلهم يعانون لسنوات طويلة من التخلف فى القراءة ، مما يؤثر على مستوى تحصيلهم العام ، بل قد ينفرهم تمامًا من القراءة ومن العملية التعليمية كلها ، التى تعتمد فى كافة المواد على قدرة الطفل على قراءة وفهم واستيعاب الكتب المخصصة لكل مادة .
* وبالنسبة لهذه الفئة ، لا بد أن نضع أمامنا هدفًا أساسيًّا ، هو التأكد من أن الطفل يفهم                  ما يقرأ ، أو ما نقرؤه عليه .
ولن يتم هذا إلا بتنمية عادة الإصغاء والانتباه لدى الطفل ، وتنمية عادة صياغة الأفكار صياغة لغوية ، وتنمية القدرة على التعبير عن النفس ، وعلى خلق الصور وصياغتها فى كلمات .
وفى سبيل هذا ، لابد أن نضع بين أيدى مثل هؤلاء الأطفال مجموعات من الكتب المتنوعة الممتعة ، يُقَلِّبُونها بأنفسهم ، ونحدثهم عنها ، ونحببهم فيها ، وخاصة تلك التى تناسب سنًا أصغر من سنهم .
* كذلك يجب أن ننظم حلقات يومية نقرأ لهم فيها بصوت عالٍ ، ونسمع أسئلتهم ونجيب عنها ، ثم نسألهم ونناقش إجاباتهم ، ونتيح لهم أن يعيدوا رواية ما سمعوه ، ونعيد عليهم ما قرأناه حتى يحفظوا مضمونه ، ونطلب منهم أن يلقوا أسئلة حول ما سمعوا ، وأن يجيبوا بأنفسهم عن هذه الأسئلة ، وأن نربط ما قرءوا بالرسم ، وبالتمثيل وبالأغانى وبالموسيقى ، فيرسمون موضوعات يختارونها من بين ما سمعوا ، أو يؤلفون تمثيلية يؤدونها  مستمدة مما سمعوا أو قرءوا ، وهكذا .
* كما يجب أن نهتم ، فى كل مناسبة ، بأن نبين لهم مفاهيم العناية بالكتب ، وفهم الصور ، ومعانى الكلمات ، وأن نشرح لهم ما يصعب عليهم فهمه من رسوم                      أو  كلمات . ونعطيهم قدوة دائمة فى كيفية المحافظة على الكتاب ، واحترامه ، والحرص عليه ، والاستفادة به .
* كذلك يمكن تكليفُهم بكتابة موضوعات لصحيفة الحائط . وفى هذا المجال ، يجب الاعتماد على المواد التى يكتبها الأطفال بأنفسهم ، عن خبراتهم الخاصة وبلغتهم وبألفاظهم هم ، أى لا تكون موضوعات منقولة . ويحسن أن تكون الموضوعات فى مجلة الحائط قصيرة جدًّا ، لا يتجاوز كل موضوع عددًا قليلاً من الجمل ، مع تقسيم كل موضوع إلى نقاط قصيرة متميزة ، أى يجب أن تتكون المجلة من مواد كثيرة قصيرة ، بدلاً مما نراه أحيانًا من وجود مواد قليلة طويلة فى صحف الحائط ، فلا يقرؤها أحد . ويجب أن تكتب مثل هذه المجلات بخط كبير جدًّا وواضح جدًّا . وأن يكون هناك توازن بين المساحة المخصصة للكتابة والمساحة المخصصة للصور والرسوم . وفى النهاية ، يجب أن تُعلق هذه المجلات فى مستوى بصر الأطفال .
* كما يحسن تعويد كل طفل على أن يصطحب معه إلى المكتبة " كراسة    المطالعة " ، يسجل فيها ما أعجبه ، مع تسجيل بيان بما أتم قراءته فى كل يوم . وعلى المشرف على مكتبة الأطفال أو نادى الأطفال أن يُظهر مزيدًا من الاهتمام والعناية  يوميًّا ، بكل ما يكتبه كل طفل فى كراسته هذه ، وأن يدعوه بين الحين والحين إلى أن يقرأ منها على زملائه .
* كذلك يمكن عقد ندوات مكتبية فى يوم أو يومين محددين من كل أسبوع ، يعرض فيه طفل أو عدد من الأطفال كتابًا أو قصة معينة ، ثم يتلقون الأسئلة حول ذلك الكتاب ، أو تلك القصة .
* هذه كلها أمثلة لطرق التعامل مع الأطفال فى مكتبات الأطفال ، ويمكن للمشرف على المكتبة المتحمس لعمله ، الذى يحترم الأطفال ويفهمهم ويقدرهم ، أن يبتكر كثيرًا غيرها من الوسائل التى تجعل من الكتاب صديقًا شخصيًّا حميمًا لكل طفل ، مثل قص القصص بشرائح الفانوس السحرى ، أو اصطحاب الأطفال إلى الزيارات والرحلات المرتبطة بموضوعات الكتب لحفزهم على قراءتها .                                                                                         

ليست هناك تعليقات: