لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 2 فبراير 2016

"الأنوار الخادعة" قصة للأطفال بقلم: عمر طلال



الأنوار الخادعة
عمر طلال

    " 1 "
    بدأت السمكة الجرذية الذيل ، جولتها المعتادة في أعماق البحر ، تبحث عما تأكله ، وتعرف المزيد عن عالمها ، المليء بالأسرار والغموض .
وعلى البعد رأت سمكة مسنة ، تسبح ببطء وحذر ، فحدقت ملياً في أنوارها ، وعرفت أنها من نوعها ، سمكة جرذية الذيل ، فأسرعت إليها ، وحيتها قائلة : طاب يومك ، يا جدة .
وتوقفت السمكة المسنة لاهثة ، بعد أن رمقت أنوارمحدثتها بنظرة سريعة ، وقالت : طاب يومك ، يا بنيتي .
وسكتت لحظة ، ثم أضافت : أنت سمكة فتية ، وطيبة القلب ، أتمنى أن تعيشي بقدر ما عشت ، وأكثر .
فردت السمكة الفتية قائلة : بشيء من الحظ ، سأعيش هنا يا جدة .
واستأنفت السمكة العجوز سيرها ببطء شديد ، وهي تقول : ليس بالحظ ستعيشين ، يا بنيتي ، بل بالعقل والحذر .
ولوحت بزعنفتها ، وأضافت قائلة : حذار من الأنوار الخادعة .
فلوحت لها السمكة الفتية ، وقالت : إلى اللقاء .

    "2 "
    سبحت السمكة الجرذية الذيل متلفتة ، علها تجد ما تأكله ، وتلامعت حولها ، وعلى مسافات متفاوتة منها ، مئات الأسماك المضيئة .
وجمدت خائفة ، حين توقفت سمكة على مبعدة منها ، ثم استدارت نحوها متشممة ، فتراجعت قليلاً ، وهي تتمتم : هذه سمكة عمياء ، وأخشى أن تشم رائحتي ، وتتعقبني ، فلأمض ِ مبتعدة عن هذا المكان الخطر .
ولمحت سمكة صغيرة ، تهبط ببطء من الأعالي باتجاه القاع ، وأدركت أنها سمكة ميتة ، فأسرعت إليها والتهمتها .
واستدارت لتواصل طريقها ، فكادت ترتطم بما يشبه الخيط ، كان يتلوى في الماء ، فتراجعت بحذر ، وهي تراقب امتداده ، فهي تعرف أنه ملمس سمكة خطرة ، من أسماك الأعماق .
وهنا مرّ قريدس ، وارتطم بالملمس ، وإذا السمكة الخطرة ، تندفع إليه بسرعة البرق ، وتلتهمه ، وعلى الفور ، أسرعت السمكة الجرذية الذيال ، ولاذت بالفرار .

    " 3 "
    توقفت السمكة الجرذية الذيل لاهثة ، متقطعة الأنفاس ، وتلفتت حولها متوجسة ، خشية أن تفاجئها سمكة أكبر منها حجماً و .. وخفق قلبها بشدة ، فقد انبثقت نقطة ضوء ، من المياه المضلمة ، وراحت تتلألأ على البعد .
وارتفع صوت من ورائها يهتف : مرحباً .
وهمت أن تلوذ بالفرار ، حين ارتفع الصوت ثانية : مهلاً ، لا تخافي ، إنني سمكة من نوعك .
والتفتت إلى مخاطبتها ، وتأملت أنوارها ، وقالت : تباً لك ، كدت تميتيني من الخوف .
وضحكت مخاطبتها ، وقالت مقهقهة : أنت جبانة ، والجبان .. 
وسكتت مبهورة ، واتسعت عيناها ، ثم أشارت إلى نقطة الضوء ، وقالت : اظري ..
فنظرت حيث أشارت مخاطبتها ، وقالت : حذار ، إنها ..
وقبل أن تنتهي من كلامها ، اطلقت السمكة الأخرى نحو نقطة الضوء  وهي تقول : سمكة! ما أضعف بصرك .
فصاحت مرتعبة : توقفي أيتها المجنونة ، إنها سمكة أبو شص المصنر ، وأنت لا ترينها لأنها سوداء اللون .لم تتوقف السمكة الأخرى ، ومضت مندفعة كالسهم ، وما إن وصلت النقطة المضيئة ، حتى اختفت في لمح البصر .
ووقفت السمكة الجرذية الذيل ، تتمتم مصعوقة : المجنونة ، لقد حذرتها ، لكن ..
وكفت عن التمتمة ، وجحظت عيناها ، فقد رأت النقطة المضيئة ، تتجه نحوها بسرعة فائقة ، فتراجعت مرتعبة ، وأطلقت مادة مضيئة لزجة ، اختلطت بالماء ، وأحدثت سحابة من نور ، بهرت السمكة السوداء ، وأغشت عينيها .
عندئذ أتيح للسمكة الجرذية الذيل ، فرصة الهرب ، فانطلقت مسرعة ، لا تلوي على شيء .

ليست هناك تعليقات: