لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأحد، 7 فبراير 2016

"درس في الصيد " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



درس في الصيد
 طلال حسن

    " 1 "
    أفاق ثعلوب ، على الجد ثعلب يهزه قائلاً : ثعلوب .. ثعلوب .
وتململ ثعلوب ، دون أن يفتح عينيه ، وقال : دعني أنم ، يا جدي .
وهزه الجد ثعلب ثانية ، وقال : لقد نمت طويلاً ، انهض .
وفتح ثعلوب عينيه ، وقال : لم أنم لحظة واحدة ، يا جدي ، فقد كان شخيرك ..
وقاطعه الجد ثعلب منزعجاً : أنا لا أشخر ، إنها أمك .
وهمّ ثعلوب أن يردّ ، لكن الجد ثعلب أشاح بوجهه عنه ، واتجه نحو الخارج ، وهو يقول : الوقت يمرّ ، سأذهب أنا ، سأذهب إلى الصيد .
وهبّ ثعلوب في الحال ، وأسرع في أثره ، وقال : مهلاً ، يا جدي ، مهلاً ، مهلاً .


    " 2 "

    سار ثعلوب إلى جانب الجد ثعلب ، وبطنه تقرقر من الجوع ، واستعرض في ذهنه ، ما يتمنى أن تأتيه به أمه ، عند الغداء ، فتمنى بطة ، والتمعت عيناه ، وتحلب فمه ، فهل أشهى وألذ من البطة ؟
وعلى عادته ، تنحنح الجد ثعلب ، ثم قال : ماذا تحب أن نصطاد اليوم ، يا ثعلوب ؟
وقبل أن يرد ثعلوب بشيء ، وقال الجد ثعلب : أمس اصطدنا أرنباً .
واحتج ثعلوب قائلاً : حاولنا ، يا جدي ، لكن الأرنب هرب .
واستطرد الجد ثعلب ، وكأنه لم يسمع ما قاله ثعلوب : وأمس الأول ، اصطدنا حمامة .
وثانية احتج ثعلوب : لم تكن حمامة ، ما اصطدناه يا جدي ، بل عصفوراً طنّاناّ .
واستطرد الجد ثعلب ثانية : وكأنه لم يسمع ما قاله ثعلوب : واليوم نصطاد ..
وهنا صاح ثعلوب : بطة .
وحملق الجد ثعلب فيه لحظة ، ثم قال : بطة ! فليكن ، لنصطد بطة .


    " 3 "

    توقف ثعلوب ، وهمس للجد ثعلب : جدي ، أنظر ، بطة .
وتوقف الجد ثعلب ، ونظر مليّاً ، ثم قال بصوت خافت : هذا ليس بطة ، يا ثعلوب ، بل ذكر بطة .
فمال ثعلوب عليه ، وقال هامساً : لكنك قلت لي ، أكثر من مرة ، إن لذكر البط ، بعكس الأنثى ، ريشاً زاهياً .
فرد الجد ثعلب بصوت خافت : نحن الآن في الصيف ، وخلال هذا الفصل ، يفقد ذكر البط ريشه الزاهي ، كما يفقد قسماً كبيراً من ريشه ، حتى ليكاد يعجز عن الطيران .
وصمت لحظة ، محدقاً في ذكر البط ، ثم قال بصوت خافت : انظر ، يا ثعلوب ، سأصطاده .
وتقدم الجد ثعلب ، بخطوات متحفزة ، باتجاه ذكر البط ، ونهض ذكر البط ، وتلفت حوله متوجساً ، ثم سار بسرعة نحو البحيرة .
وانقض الجد ثعلب على ذكر البط  كما كان يفعل في أيم شبابه الغابرة ، لكنه أخطأ هدفه ، وسقط في البحيرة ، ولو لم يسرع ثعلوب لنجدته ، وينتشله من الماء ، لمات غرقاً .

    " 4 "

    سار ثعلوب متعباً وراء الجد ثعلب ، في طريق العودة إلى البيت ، وسمع بطنه تقرقر من الجوع ، فتمنى أن تكون أمه قد عادت من الصيد ، وأتته ببطة .
وتنحنح الجد ثعلب ، وقال بصوت واهن : ثعلوب .
وردّ ثعلوب بصوت أشدّ وهناً : نعم .
وقال الجد ثعلب : غداً .. لن نصطاد بطة .. سنصطاد غزالاً .. نعم .. غزالاً .. فالغزال أفضل من البطة .
لم يردّ ثعلوب بشيء ، فأطرق الجد ثعلب رأسه ، وقد لاذ بالصمت ، وواصل السير ، بخطواته المتعبة ، المتعثرة ، إلى البيت . 

  

ليست هناك تعليقات: