لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الجمعة، 22 يناير 2016

"النمس والأفعى" قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



النمس والأفعى
قصة للأطفال
طلال حسن
    " 1 "
    جلس النمس تحت إحدى الأشجار ، يستحم بأشعة الشمس ، بعد أن أكل سقاية مكتنزة ، وعدداً كبيراً من الحشرات .
ورأته العصفورة من بعيد ، فأقبلت عليه مسرعة ، وحطت فوق غصن من أغصان الشجرة ، وهتفت : أيها النمس .
وردّ النمس مهدداً ، دون أن يلتفت إليها : ابتعدي عني الآن ، أريد أن أرتاح .
لكن العصفورة لم تبتعد عنه ، وإنما رفرفت إلى غصن قريب منه ، وقالت : سأقول لك شيئاً ، ثم أبتعد ، إن الأفعى اللعينة تتقول عليك .
وفحّ النمس قائلاً : أيتها المحتالة ، أنت تريدينني أن أفتك بالأفعى ، لأنها سرقت بيضك .
ولاذت العصفورة بالصمت ، فالتفت النمس إليها ، وقال غاضباً : ابتعدي وإلا لن تبيضي ثانية .
وعلى الفور ، انطلقت العصفورة مبتعدة ، ومضت لا تلوي على شيء .
 
    " 2 "
     أحس النمس بالجوع ، قبيل المساء ، فنهض واقفاً ، ليبدأ البحث عمّا يسد به جوعه ، وتراءى له بيض التمساح ، فالتمعت عيناه ، وانطلق بسرعة نحو النهر .
لقد رأى أنثى التمساح ، يوم أمس ، تحفر حفرة قليلة العمق ، في رمال ضفة النهر ، وتضع فيها عدداً كبيراً من البيض ، ثم تغطيها بالرمال .
وبالرغم من أن أنثى التمساح ، تقيم قرب الحفرة لحمايتها ، فمن يدري ، لعلها تبتعد عنها بعض الوقت ، عند المساء ، فيتاح للنمس أن يتعشى اليوم .. بيضاً لذيذاً .
ولمح النمس بين الأعشاب ، جرذاً ضخماً ، يقف على قائمتيه الخلفيتين ، متشمماً ما حوله ، فنسي بيض التمساح ، وانطلق نحوه بسرعة البرق .
ولابد أن الجرذ شمّ رائحة النمس ، قبل أن يراه مقبلاً نحوه ، فقد أطلق سيقانه للريح ، ولاذ ببيته القريب .
ووقف النمس يدمدم غاضباً ، بباب بيت الجرذ ، فصاح الجرذ من الداخل ، وهو يلهث : اذهب إلى الأفعى ، إذا كنت شجاعاً ، فهي تتقول عنك ، في طول الغابة وعرضها .  
وصاح النمس منفعلاً : تتقول عليّ ؟ أيها الكاذب ، ماذا تقول ؟
فردّ الجرذ قائلاً ، وهو مازال يلهث : اذهب إليها ، واسألها .
واستدار النمس ، وعيناه تتقادحان غضباً ، وذهب مسرعاً ، يبحث عن الأفعى ، في كل مكان .

    " 3 "
    ظلّ النمس عدة أيام ، يبحث عن الأفعى ، حتى وجدها أخيراً ، ملتفة حول نفسها ، تحاول النوم ، تحت أحدى الشجيرات .
وما إن رأته الأفعى مقبلاً ، حتى رفعت رأسها ، وكشرت عن أنيابها ، المعقوفة إلى الوراء ، وراح لسانها المشقوق ، يتحرك خارجاً من فمها ، وداخلاً فيه ، بانفعال وقلق .
وتقدم النمس منها غاضباً ، وقد انتصب ذنبه ، وتحول إلى فرشاة قاسية ، وقال : أيتها اللعينة ، سمعت أنك تتقولين عليّ ، حيثما ذهبت .
وتراجعت الأفعى قليلاً ، وقالت مهددة : توقف ، إن أسناني سامة .
فرد النمس قائلاً ، دون أن يتوقف : سأقتلك .
وبدا الخوف والتردد على الأفعى ، وقالت بصوت مرتعش : لم أقل أكثر من إنك تأكل الفئران والجرذان والسقايات والحشرات و ..
وقاطعها النمس قائلاً : وبيض التماسيح ..
فقالت الأفعى بصوت مختنق : نعم ، وبيض التماسيح ، وكل ما قلته صحيح ، أليس كذلك ؟
وانقض النمس عليها بسرعة البرق ، وهو يصيح : وكذلك الأفاعي ، الأفاعي الثرثارة أمثالك .
وغرس أسنانه الحادة ، الشبيهة برؤوس الإبر ، في قفا عنق الأفعى ، وأخذ في الوقت نفسه ، يحك وجهها بشعر ذنبها القاسي ، ولم يتركها إلا جثة مدماة .. هامدة .  

ليست هناك تعليقات: