لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأربعاء، 17 يوليو 2013

" لِنَرْسُمْ أَيْضَاً " قصة للأطفال بقلم: سريعة سليم حديد

لِنَرْسُمْ أَيْضَاً 
سريعة سليم حديد

أَمَاْمَ السُّبُّورَةِ السَّوْدَاْءِ وَقَفَ هَاِديْ يَرْسمُ شَمْسَاً مُشْرِقَةً, تَتَموَّجُ يَدُهُ ضَاْغِطَةً عَلَىْ الطُّبْشُوْرِ, تَاْرِكَةً وَرَاْءَهَاْ اِنْحِنَاْءَاْتٍ مِنَ الجِبَاْلِ, وَنَهْرَاً غَزِيْرَاً, قِطَعَاً مِنْ الغُيُوْمِ, وَكُتَلاً مِنَ الحِجَاْرَةِ. أَزْهَاْرَاً مُتَفَرِّقَةً, وَصُفُوْفَاً مُتَشَاْبِكَةً مِن الأَشْجَاْرِ, تَوَقَّفَ.
قَاْلَتِ الآنِسَةُ: أَكْمِلِ الرَّسْمَ, يَاْ هَاْدِيْ.
قَاْلَ هَاْدِيْ: أُفَكِّرُ, أَيَّ الفُصُوْلِ سَأَرْسُمُ. اِنْدَفَعَ يَمْلأُ الأَشْجَاْرَ أَزْهَاْرَاً, يَكْسُو الأَرْضَ رَبِيْعَاً وَزُهُوْرَاً مُتَفَتِّحَةً, وَمَزْرُوْعَاْتٍ مُتَنوِّعَةً. وَيَتْرُكُ فِي الجَوِّ عَصَاْفِيْرَ مُحَلِّقَةً, وَفَرَاْشَاْتٍ لاهِيَةً. أَشْبَعَ اللوْحَةَ بِالأَلْوَاْنِ المُنَاْسِبَةِ حَتَّى غَدَتْ وَكَأَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنَ الطَّبِيْعَةِ.
أُعْجِبَتِ الآنِسَةُ بِفَنِّ هَاْدِيْ . طَلَبَتْ مِنَ الجَمَيْعِ التَّصْفِيْقَ لَهُ.
سَأَلَتْهُمْ: مَاْ رَأَيُكُم فِي اللَّوْحَةِ؟
قَاْلَ نَاْصِرٌ: كَمْ تَمَنَّيْتُ النُّزْهَةَ فِي مِثْل ِهَذِهِ الطَّبِيْعَةِ الرَّاْئِعَةِ!
قَاْلَ سَعْدٌ. أَشْعُرُ بِأَنْفَاْسِ الرَّبِيْعِ تَنْبَعِثُ مِنْ بَيْنَ أَزْهَاْرِهَاْ وَاِهْتِزَاْزِ أَشْجَاْرِهَاْ.
قَاْلَتْ رَشَا: أَعْجَبَتْنِيْ تِلْكَ المِسْحَةُ الضَّبَاْبِيَّةُ بَيْنَ الجِبَاْلِ, وَإِضَاْءَةُ الجَوَاْنِبِ المُوَاْجِهَةِ لأَشِعَّةِ الشَّمْسِ, وَاِمْتِدَاْدُ الظِّلالِ.
قَاْلَ مَجْدٌ: شَفَاْفِيَّةُ الأَلْوَاْنِ وَتَدَرُّجَاتُهَا تُعْطِي المَنْظَرَ جَمَاْلِيَّةً مُتَمَيِّزَةً.
قَاْلَتْ مَرَاْمُ: إِنَّ هَاْدِيْ كَاْنَ يَرْسُمُ بِإِحْسَاْسِِهِ وَإِلاَّ مَاْ أَحْبَبْنَا المَنْظَرَ إِلى هَذِهِ الدَّرَجَةِ, وَكَأَنَّهُ كَاْنَ يَرْسُمُ بِأَيْدِيْنَاْ وَقُلُوْبِنَاْ.
قَاْلَتْ هُدَى: الشَّمْسُ السَّاْطِعَةُ جَعَلَتْنِي أَشْعُرُ بِالدِّفءِ, وَالفَيْءُ تَحْتَ الأَشْجَاْرِ حَرَّكَ شُعُوْرَ البُرُوْدَةِ فِي جَسَدِيْ.
كَاْنَ هَاْدِيْ كُلَّمَاْ سَمِعَ رَأَيَاً شَعَرَ بِالنَّشْوَةِ, وَابْتَسَمَ بِفَرَحٍ.
قَاْلَتْ سَوْسَنُ : تَوَقَّعْتُ أَنَّ هَاْدِيْ زَاْرَ قَرْيَتِي. فَكُلُّ مَلامِحِ اللَّوْحَةِ تَدُلُّ عَلَيْهَاْ.
قَاْلَ سَاْمِرٌ: أَشْعرُ وَكَأََنَِّيْ أَشُمُّ رَاْئِحَةَ الأُقْحوانِ. هُنَاْكَ بَيْنَ الصُّخُوْرِ المُتَنَاْثِرَةِ.
صَاْحَتْ يُسْرَى: وَأَنَا أَكَاْدُ أَنْدَفِعُ لأَلُمَّ شَقَاْئِقَ النُّعْمَاْنِ.
قَاْلَتْ عَلْيَا: وَأَنَا فَرِحَةٌ. أَسْمَعُ زَقْزَقَةَ العَصَاْفِيْرِ.
صَاْحَتْ لَيْلَى: وَأَنَا. وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الفَرَاْشَاْتِ.
قَاْلَتْ مَهَا: كَمْ أَنَا مُسْتَمْتِعَةٌ بِبرُوْدَةِ مِيَاْهِ النَّهْرِ, وَأَنَا أَسِيْرُ فِيْه.
قَاْلَتْ حَنَاْنُ: عَبَّرَ هَاْدِيْ عَنْ إِحْسَاْسِي وَحُبِّي لِفَصْلِ الرَّبِيْعِ. شُكْرَاً لَكَ يَاْ هَاْدِيْ.
قَاْلَتْ أَمَاْنِيْ: أَعْجَبَنِيْ أَنَّهُ تَرَكَ اللَّوْحَةَ مِنْ دُوْنِ إِطَاْرٍ. لمْ يَضَعْ لهَا حُدُوْدَاً. بَلْ تَرَكَ المَنْظَرَ يَمْتَدُّ إِلى اللا نِهَاْيَةِ فِي كُلِّ جِهَاْتِهِ. رُبَّمَا لِيَتْرُكَ لَنَاْ فُرْصَةً كَيْ نَتَخيَّلَ رُسُوْمَاْتٍ أُخْرَى.
قَاْلَتْ غَزَلُ: يُؤْسِفُنِيْ عِنْدَما يَنْتَهِيْ دَرْسُ الرَّسْمِ, سَتُمْحَى اللَّوْحَةُ.
قَاْلَتِ الآنِسَةُ: مَا أَجْمَلَ هَذَا الدَّرْسَ وَكَأَنَّهُ تَحَوَّلَ إِلى قِطْعَةٍ مِنْ الرَّبِيْعِ, وَأَنَا أَجْلِسُ عَلَىْ تِلْكَ الصَّخْرَةِ البَيْضَاْءِ الكَبِيْرَةِ, وَقَدَمَاْي حَاْفِيَتَاْنِ تُدَاْعِبَاْنِ العُشْبَ الطَّرِيَّ.أُرَاْقِبُكُمْ جَمِيْعَاً كَيْفَ تَقْفِزُوْنَ بِمُتْعَةٍ كَفَرَاْشَاْتٍ مُلَوَّنَةٍ. نَظَرَتْ إِلى هَاْدِيْ, سَأَلَتْهُ: مَاْ بِكَ يَاْ َهْاِديْ؟ بِمَ أَنْتَ شَاْرِدٌ.
قَاْمَ هَاْدِيْ إِلى اللَّوْحِ, وَهُوَ يَقُوْلُ: هُنَاْكَ أَمْرٌ مُهِمٌّ ـ يَاْ آنِسَةُ ـ لَمْ أَرْسُمْهُ فِي اللَّوْحَةِ.
ـ مَا هُوَ؟
ـ مَا فَاْئِدَةُ جَمَاْلِ الطَّبِيْعَةِ مِنْ دُوْنِ إِنْسَاْنٍ, يَهُزُّ أَزْهَاْرَهَاْ, وَيُهْدِيْ ثِمَاْرَهاْ, يَتَنَفَّسُ هَوَاءَهَاْ, وَيَشْرَبُ مِنْ مَاْئِهَاْ, يَطْرَبُ لِعَصَاْفِيْرِهَاْ, وَيَتَظلَّلُ بفِيْءِ أَشْجَاْرِهَاْ؟
ـ مَا أَرْوَعَ إِحْسَاْسَكَ يَا هَاْدِيْ! وَمَا أَنْبَلَ عَوَاْطِفَكَ!
تَحْتَ شَجَرَةٍ كَبِيْرَةٍ, رَسَمَ هَاْدِيْ طِفْلاً فِي أُرْجُوْحَةٍ, وَرَجُلاً يَفْتَحُ سَاْقِيَةً لَتَرْوِيَ المزْرُوْعَاْتِ المتَنَوَّعَةَ.
صَفَّقَ الطُّلاَّبُ بِإِعْجَاْبٍ, بَيْنَمَاْ كَاْنَ هَاْدِيْ لا يَزَاْلُ يَرْسُمُ تَدَفُّقَ المِيَاهِ فِي السَّاْقِيَةِ.

ليست هناك تعليقات: