لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الاثنين، 3 يونيو 2013

" لنفكر معا" قصة للأطفال بقلم: سريعة سليم حديد

لنفكـِّرْ مَعَاً*

سريعة سليم حديد
أَنَا (شَادِيْ), سَأَزُوْرُ صَدِيْقِيْ (صَافِيْ) مَا رَأْيُكُمْ في أَنْ تَذْهَبُوْا مَعِيْ؟ تَفَضَّلُوا هَذِهِ غُرْفَتُهُ, سَتُدْهَشُوْنَ كَمَا دَهِشْتُ, أَتَرَوْنَ, هَا أَنَا أُشِيْرُ, هَذِا (دَبْدُوْبٌ) يَقْرَعُ عَلى الطَّبْلِ, طَائِرَةٌ تَلْمَعُ أَضْوَاؤُهَا مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ, حِصَانٌ, غَزَالٌ, وَأَلْعَابٌ غَرِيْبَةٌ, لَمْ أَرَ مِثْلَهَا مِنْ قَبْلُ, وَلَمْ أَسْمَعْ بِهَا.
كَانَ (صَافِيْ) مُنْهَمِكَاً كَثِيْرَاً, يَحْتَارُ كَيْفَ سَيُعَرِّفُنِيْ عَلَيْهَا جَمِيْعَاً, كَيْفَ يَشْرَحُ لِي طَرِيْقَةَ تَشْغِيْلِهَا, كُلَّمَا أَمْسَكَ بِوَاحِدَةٍ تَرَكَهَا, لِيَلْقَفَ أُخْرَى, وَيَشْرَحَ عَمَلَهَا بِسُرْعَةٍ, فَلَمْ أَسْتَوْعِبْ شَيْئَاً, وَلمْ أَهْنَأ بِاللعِبِ أَبَدَاً.
قَرَّرْتُ إِنْهَاءَ الزِّيَارَةِ, حَمَلَ (صَافِيْ) كُرَةً فِضِّيَّةً, وقَالَ: هَذِهِ لَكَ يَا (شُوْشُوْ) رُبَّمَا تَوَقـَّعَ أَنِّنِيْ حَزِيْنٌ, لأَنََّنِيْ لا أَمْلِكُ أَلْعَابَاً مِثْلهُ, لَكِنَّ شُعُوْرَهُ لَيْسَ صَائِبَاً, أَنَا لا أَحْسِدُ أَحَدَاً عَلى شَيْءٍ, ولا أَحْزَنُ مِنْ أَجْلِ أَلْعَابٍ بَسِيْطَةٍ, إِنَّنِيْ أُقَدِّرُ الأُمُوْرَ جَيِّدَاً.
بِصَرَاحَةٍ, فِي البِدَايَةِ رَفَضْتُ أَخْذَ الكُرَةِ, لَكِنَّهُ أَصَرَّ عَلى ذَلِكَ, اِبْتَسَمْتُ, فَهَذَا ذَوْقٌ مِنْهُ, قَلـَّبْتُ الكُرَةَ بَيْنَ يَدَيَّ, لَفَتَتْ اِنْتِبَاهِيْ جُمْلَةٌ كـُتِبَتْ بِخِطِّ اليَدِ: (لِنَلْعَبْ مَعَاً) قُلْتُ لَهُ: لِمَ لا نَكْتُب عَلَيْهَا لِنُفَكـِّر مَعَاً؟
ـ هَزَّ رَأْسَهُ قَائِلاً: هِي لَكَ, اُكْتُبْ عَلَيْهَا مَا شِئْتَ.
ـ سَأَكْتُبُ لِنُفَكـِّرْ مَعَاً, وَسَتَرَى, كَيْفَ سَأُثْبِتُ لَكَ ذَلِكَ.
ـ هَذَا تَحِدٍّ.
ـ لِيَكُنْ, قُلْتُ ذَلِكَ, وَأَنَا أُصَافِحُهُ مُوَدِّعَاً.
فِي الطَّرِيْقِ تَذَكـَّرْتُ تًَفًاصِيْلَ الزِّيَارَةِ, الطَّائِرَةَ, الحِصَانَ, (الأَتَارِيْ) (السُّوْبَرْ مَانْ).. سَأَلْتُ نَفْسِيْ: أَيَّ الأَلْعَابِ يُحِبُّ (صَافِيْ)؟ إِذَا تَعَطَّلَتْ وَاحِدَةٌ, هَلْ يُصْلِحُهَا, أَمْ يَرْمِيْهَا؟ الأَلْعَابُ غَالِيَةُ الثَّمَنِ, أَلَيْسَ هَذَا تَبْذِيْرَاً؟
لَوْ كُنْتُمْ مَكَانِيْ, مَاذَا تَقُوْلُوْنَ؟ هَلْ تُفَكـِّرُوْنَ كَمَا فَكـَّرْتُ؟ عَلى كُلِّ حَالٍ, تَابِعُوا مَا حَصَلَ.
أَحْضَرْتُ عَدَدَاً مِنَ الرَّقَائِقَ الخَشَبِيَّةِ, ومِنْشَارَاً صَغِيْرَاً, ومَسَامِيْرَ, ومِطْرَقَةً, وأَوْتَاراً قَدِيْمَةً, جَلَسْتُ على شُرْفَةِ مَنْزِلِيْ, قَرَّرْتُ فِعْلَ شَيْءٍ مُهِّمٍ, أَجْمَلَ مِنْ كُلِّ أَلْعَابِ (صَافِيْ).
هَلْ تَتَوَقَّعُوْنَ مَاذَا سَأَصْنَعُ؟ أَعْرِفُ, هَذِهِ الأَدَوَاتُ تَصْلُحُ لِصِنَاعَةِ أَشْيَاءٍ كَثِيْرَةٍ, ولَكُمْ حُرِّيَة التَّخَيُّلِ.
جَلَسْتُُ أُنَفِّذُ فِكْرَتِيْ, أصْدقُكم القَوْلَ إِنَّنِيْ أُصِبْتُ بِخُدُوْشٍ عِدَّةٍ, لَكِنَّنِيْ لَمْ أَتَأوَّهْ أَبَدَاً , رُبَّمَا لَهْفَتِيْ لِصِنَاعَةِ شَيْءٍ مُهّمٍ, هِيَ السَّبَبُ, أَوْ رُبَّمَا لأُثْبِتَ (لِصَافِيْ) أَنَّ كُلَّ أَلْعَابِهْ لا تُسَاوِيْ عِنْدِيْ مَا أَصْنَعُهُ.
لَمْ أَشْعُرْ بِالوَقْتِ, وأَنَا أَجْلِسُ مُنْهَمِكَاً في عَمَلِيْ, وقَدْ تَنَاثَرَتْ مِنْ حَوْلِيَ القِطَعُ الخَشَبِيَّةُ, والمَسَامِيْرُ, أَسْتَمْتِعُ بِصَوْتِ حَرَكَةِ المِنْشَارِ, بِرَائِحَةِ الخَشَبِ الطَّيِّبَةِ, وَقَدْ عَلِقَتْ بَعْضُ نَثَرَاتِهِ فَوْقَ ثِيَابِيْ, أَخِيْرَاً اِنْتَهَيْتُ. هَلْ تَوَقـَّعْتُمْ مَاذَا صَنَعْتُ؟ إِنَّهَا رَبَابَةٌ مِنَ الطِّرَازِ القَدِيْمِ, حَفَرْتُ على أَطْرَافِهَا زَخَارِفَ عِدَّةً, لَوَّنْتُهَا بِأَلْوَانٍ مُنَاسِبَةٍ, حَاوَلْتُ العَزْفَ عَلَيْهَا, فَلَمْ تُصْدِرْ سِوَى تَكْتَكَاتٍ غَرِيْبَةٍ, لا تُشْبِهُ أَبَدَاً صَوْتَ الرَّبَابَةِ, على كُلِّ حَالٍ, كُنْتُ سَعِيْدَاً بِهَا.
أَتَعْرِفُوْنَ لِمَاذَا لَمْ أَصْنَعْ طَائِرَةً, أَوْ (صَارُوْخَاً), أَوْ دَبَابَةً؟ أُجِيْبُكُمْ بِصَرَاحَةٍ, لأَنَّنِيْ أَكْرَهُ الحُرُوْبَ, أَتَمَنَّى أَنْ تَتَحَطَّمَ كُلُّ الآلِيَاتِ الَّتِيْ تَقْتُلُ الإِنْسَانَ.
في عِيْدِ مِيْلادِيْ حَضَرَ الكَثِيْرُوْنَ,, أَمَامَ رَبَابَتِيْ تَجَمْهَرُوا, خَالَتِيْ قَالَتْ: سَلِمَتْ يَدَاكَ يَا (شُوْشُوْ) صَدِيْقِيْ عَامِرٌ عَلـَّقَ قَائِلاً: رَبَابَتُكَ يَا (شَادِيْ) تَحْتَاجُ إلى خَيْمَةٍ وفُنْجَانِ قَهْوَةٍ, إِلى جِانِبِيْ وَقَفَ ـ مَنْ بِرَأْيِكُمْ؟ ـ جَيِّدٌ لِمَنْ قَالَ (صَافِي), وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِيْ, وَهَمَسَ لِيْ: أُهَنِّئُكَ يَا (شُوْشُوْ) لَقَدْ رَبِحْتَ التَّحَدِّيْ, لَكِنْ, هَلْ لَكَ أَنْ تُعَلِّمَنِيْ, كَيْفَ أَصْنَعُ شَيْئَاً جَمِيْلاً عِنْدَمَا أَزُوْرُكَ غَدَاً؟
ـ أَمْسَكْتُ يَدَهُ, وَقُلْتُ: بِكُلِّ سُرُوْرٍ, عَلَى شَرْطِ أَنْ نُفَكـِّرَ مَعْاً.

*من مجموعة الأجراس البنفسجية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، كما نشرت بمجلة العربي الصغير

ليست هناك تعليقات: