لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 30 أبريل 2013

"من الألف للياء" قصة للأطفال بقلم: سماح أبو بكر عزت

من الألف للياء

 سماح أبو بكر عزت

أقف على الأرض وأهيم بين السحب فى السماء، أنتشر بين ذرات الهواء وفى قطرات الماء، أتنزه فى الحدائق وبين رمال الصحراء.
فى كل مكان تجدنى من الألف للياء..
مدينتى بها ثمانية وعشرون منزلاً وبرغم صغر حجمى لا تتسع لى.. يسخر منى جيرانى لكنهم فى نفس الوقت لا يستطيعون الاستغناء عنى..
فكرت كثيراً وكان الحل الوحيد هو أن أرحل من مدينتى التى لم أشعر يوماً فيها بالحب أو بالانتماء.. . أنا الهمزة.. لست حرفاً من حروف الهجاء الثمانية والعشرين التى تعرفونها..
كم حلمت بأن أكون حرفاً مثلهم ولم أسمع منهم سوى كلمة لا أنتِ يا همزة تحلمين بالمستحيل.. أليس لكل كائن كان إنسانا أو حيوانا مكان يعيش فيه فيشعر بالألفة والأمان؟
يرد حرف الألف فى تعالٍ.. تعبت منك.. أنا دائما أحملك.. دعينى أشعر بحريتى بعيدا عنك، يقاطعه حرف الياء.. وأنا أيضاًً أريد أن أتحرر منك أنت تقفين فوقى فتشوهين جمالى..
الحرف الوحيد الذى كان يشعر بى ويتعاطف معى حرف الواو.. ربما لأنه من حروف العطف! لكنه للأسف لم يستطيع أن يقنع بقية الحروف ويجعلهم يعترفون بى..
كنت أتمنى أن أكون معهم لا يهم ترتيبى بينهم فأنا لست مثل حرف الألف الذى يصر دائما على أنه الأول فى كل شىء، ولست كحرف الياء آخر الحروف الذى يطلق على نفسه «مسك الختام»..
تركت مدينة الحروف لا أعرف إلى أين أذهب، سرت كثيراً حتى شعرت بالتعب. ثم دخلت متجراً لبيع لعب الأطفال ووقفت أمام صندوق كتبت عليه (حروف الهجاء) بسرعة قفزت وسط الحروف واختبأت بداخله..
أشرقت الشمس وبدأ يوم جديد، كان التلاميذ فى المدرسة، بانتظار نتيجة الامتحان، وقف الجميع أمام كشوف الأسماء وكان من ضمنهم الأخوان علا وعلاء.. بحث علاء عن اسمه فلم يجده ضمن الناجحين لم يجد سوى اسم أخته علا مكرراً مرتين، كان علاء هو الأول على الفصل ولكن لأنى اختفيت صار الاسمان متشابهين.. علا وعلاء..
انتهى فصل الخريف ولم يأت الشتاء كانت حروفه تبحث عنى فى كل مكان لم تسقط الأمطار ولم تنضج الثمار، ذبلت الأشجار فكيف تعيش من دون الماء أصل الحياة.. الشتاء، الماء، بحثت عنى كل الكلمات التى كنت أكملها وصارت من بعدى ناقصة بلا حياة، صار الأسبوع خمسة أيام اختفى يوم الثلاثاء والأربعاء.
ارتبكت الحياة وتشاجرت جميع الحروف وكان أول حرف يبحث عنى هو حرف الألف فلم يعد هناك فرق بين أحمد وإيمان بين انتصار وأحزان..
وحرف الياء الذى اتهمنى بأنى أشوه جماله، صار ناقصاً مشوهاً واختفى من القاموس واختفت معه الكثير من الكلمات والصفات.. لم يعد هناك جرىء أو برىء..
أما أنا فلأول مرة فى حياتى أشعر بالدفء بين جيرانى الحروف الخشب التى تسكن الصندوق، لعبنا معاً لعبة جميلة أجمل ما فيها نهايتها، كان حرف الألف يقف وبعده تقف الصاد ثم القاف والألف وقفت بجانبهم وأكملت الدائرة فصرنا.. أ ص د ق ا ء.. أصدقاء.
وفى يوم من الأيام، سمعت صوت بكاء وقفت فوق حرف الألف ونظرت خارج الصندوق فوجدت طفلاً يمسك ببطاقة صغيرة ويقول لوالدته «لن يأتى أصدقائى لحفل عيد ميلادى. كيف سأكتب اسمى فى بطاقة الدعوة من دون الهمزة؟» قالت والدته: لا تحزن يا لؤى سنجد الحل إن شاء الله.
وقف لؤى أمام صندوق الحروف وسأل والدته فى لهفة وحماس: هل يمكن أن أجد الهمزة هنا وأكمل اسمى؟ ردت والدته: للأسف يا لؤى هذه الحروف من الخشب وليست حقيقية، نزلت الدموع من عينى لؤى فشعرت أنها تلمس وجهى بعتاب، من دون تفكير قفزت من الصندوق وقفت فوق حرف الواو فى بطاقة الدعوة ووجد لؤى اسمه قد صار كاملاً وبقدر سعادتى بفرحة لؤى كانت سعادة حرف الواو الذى قال: كل الحروف بانتظارك، فى مدينة الحروف، كان حرف الألف أول من صافحنى قائلاً فى ندم.. سامحينى يا همزة عرفت الآن قيمتك أنت تاجى الذى من دونه لا قيمة لى، وقالت الياء.. وأنا فى بُعدك لا وجود لى..
وقفت كل الحروف حولى وقالت.. أنتِ همزة الوصل بيننا وبين العالم من حولنا من دونك تتوقف الحياة..

ليست هناك تعليقات: