لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 22 مايو 2012

"الدَّوران حول المُكَعب " قصة للأطفال بقلم: يعقوب الشارونى


الدَّوران حول المُكَعب
يعقوب الشارونى

فى زيارة لأحد فصول روضة أطفال باليابان ، عمرهم من 5 إلى 6 سنوات ، كان الأطفال يجلسون فى دائرة ، وفى منتصف الفصل منضدة صغيرة ، عليها ، فى مستوى بصر الأطفال ، مكعب خشبى كبير الحجم مغطى بغطاء أبيض . 
تقدمت المُشرفة ورفعت الغطاء ، فاتجه بصر كل طفل ناحية وجه المكعب المواجه لعينيه .
سألت المُدرسة طفلاً يجلس إلى يسار المكعب : " ما لون المكعب الذى تراه أمامك ؟ " وبغير تردد قال الطفل ، وقد ركز بصره على وجه المكعب المواجه له :               " أحمر " . عندئذ سألت المُشرفة طفلاً يجلس على يمين المكعب : " وأنت .. ما لون المكعب ؟ " وبغير تردد أيضًا أجاب وهو يحدق فى وجه المكعب المواجه له : " أزرق " . هنا أشارت المُدرسة إلى طفل يجلس فى صدر الفصل وسألته : " وأنت .. ما لون    المكعب ؟ " وللمرة الثالثة يجيب الطفل الثالث بغير تردد أيضًا : " أصفر " ، ذلك أنه كان ينظر إلى وجه المكعب المواجه له .
عندئذ تقدمت المُشرفة ناحية المكعب ، وأدارته نصف دورة ، وعادت تسأل نفس الأطفال الثلاثة عن لون المكعب .
ولما كان وجه المكعب المواجه لعينى كل طفل قد تغير ، فقد اختلفت إجاباتهم عن المرة الأولى ، فمن سبق وقال إن لون المكعب أحمر قال إنه أصفر ، ومن قال إنه أزرق أجاب هذه المرة بأنه أحمر ، ومن قال إنه أصفر قال إنه أزرق . 
عندئذ اختارت المُدرسة تلميذًا رابعًا وقالت له : " وإذا سألتك أنت ، ما لون المكعب ، فبماذا تجيب ؟ " قال التلميذ الرابع : " المكعب لونه أحمر وأزرق وأصفر " .
لكن تلميذًا خامسًا وقف وقال : " وأخضر أيضًا " ، فقد رأى هذا التلميذ الخامس وجهًا رابعًا للمكعب .
عندئذ سألت المُدرسة أطفال فصلها : " ما سبب اختلاف إجاباتكم الأولى عن إجاباتكم الأخيرة ؟ "
وانطلقت من الأطفال إجابات كثيرة متنوعة ، وفى النهاية قالت طفلة : " قبل أن أجيب ، يجب أن أدور حول المكعب ، لأراه من مختلف جوانبه ، ومن أعلاه أيضًا " .
قالت المُشرفة : " تذكروا هذا دائمًا : عندما نسألكم عن لون مكعب نضعه     أمامكم ، لا يكفى أن تركزوا بصركم على وجه واحد للمكعب هو الوجه المواجه لكم ، بل لابد من الدوران حول المكعب ، بل أن تقلبوه رأسًا على عقب لرؤيته من أسفل ومن أعلا ، حتى نستطيع أن نراه من جميع جوانبه ، قبل أن نقول إننا قد عرفنا لون – أو ألوان – أوجه المكعب " .
وفى نهاية النهار ، قالت لنا المُشرفة : " لقد لَعِبَت معى مشرفات روضة الطفل وأنا طفلة هذه اللعبة مرات متعددة ، بمكعبات يختلف ألوان أوجهها كل مرة ، وقد جعلتنى هذه اللعبة ، كلما تــَقَدَّمْتُ فى العمر ، عندما استمع إلى وجهة نظر فى شىء ما ، أن أتمهل قبل تكوين رأيى والتصريح به ، وأنا أقول لنفسى : " لابد أن أدور أولاً حول المكعب ، لأتعرف على مختلف أوجههه " .

ليست هناك تعليقات: